للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقَطْ؛ لأنَّه أمينٌ في ذلك الآخَرِ، لا صانِعٌ، فمَن دفعَ لِطَحَّانٍ قَمحًا في قُفَّةٍ لِيَطحَنَه لَه، أو دفعَ لِناسِخٍ كِتابًا لِينسَخَ له منه آخَرَ، فادَّعَى ضَياعَ الكلِّ، ضَمِنَ القَمحَ دونَ القُفَّةِ، وضَمِنَ الكِتابَ المَنسوخِ دونَ المَنسوخِ مِنه، فأحْرَى في عَدَمِ الضَّمانِ ما لا يَحتاجُ له العَملُ؛ كَأحَدِ الخُفَّيْنِ يَحتاجُ إلى إصلاحٍ، فيَدفَعُ الفَردَتَيْنِ إلى الصَّانِعِ، فتَضيعُ التي لا صَنعةَ له فيها.

وَيَضمَنُ ما تَلِفَ ممَّا له فيه صَنعةٌ، وإنْ صَنَعَ ذلك في بَيتِه أو حانوتِه، وسَواءٌ عَمِلَه بأجْرٍ أو بغَيرِه، وسَواءٌ تَلِفَ بصَنعَتِه أو بغَيرِ صَنعَتِه، ما لَم يكُنْ في ذلك تَغريرٌ؛ كَنَقشِ الفُصوصِ وثَقبِ اللُّؤلُؤِ وتَقويمِ السُّيوفِ وإحراقِ الخُبزِ عندَ الفَرَّانِ، ووَضعِ الثَّوبِ في قِدْرِ الصَّباغِ؛ إلَّا أنْ يَتعدَّى فيها.

وعلى جَميعِ الصُّنَّاعِ البيِّنةُ أنَّهم رَدُّوا المَتاعَ الذي عَمِلوه بأجْرٍ أو بغَيرِه، أخَذُوه ببيِّنةٍ أو بغَيرِها؛ إذا أقَرُّوا به.

وَيُشترَطُ لِضَمانِ الصَّانِعِ لِمَصنوعِه شُروطٌ:

مِنها: أنْ يَنصِبَ نَفْسَه لِلصَّنعةِ لِعامَّةِ النَّاسِ يَحتَرِزُ به عن الأجيرِ الخاصِّ لِشَخصٍ أو لِجَماعةٍ مَخصوصِينَ؛ فإنَّه لا ضَمانَ عليه، والصَّانِعُ الخاصُّ الذي لَم يَنصِبْ نَفْسَه لِلصَّنعةِ لا ضَمانَ على هَؤُلاءِ؛ لأنَّ التَّضمِينَ إنَّما كانَ لِلمَصلَحةِ العامَّةِ.

وَمِنها: أنْ يَغيبَ على السِّلعةِ المَصنوعةِ، أمَّا إنْ لَم يَغِبْ عليها بأنْ عَمِلَها في بَيتِ رَبِّها، ولَو غائِبًا، أو بحَضرَتِه، ولَو في غيرِ بَيتِه، فلا ضَمانَ، فالمُرادُ بالغَيبةِ عليها ألَّا يَعمَلَها بحَضرةِ رَبِّها أو في بَيتِه.

<<  <  ج: ص:  >  >>