اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ المُلتقطَ إذا أنفَقَ على اللُّقطةِ التي تَحتاجُ إلى نَفقةٍ مُتبرعًا بالنَّفقةِ أنَّه لا رُجوعَ له على ربِّها.
إلا أنَّهم اختلَفُوا فيما لو أنفَقَ عليها غيرَ مُتبَرعٍ، هل يَرجعُ بالنَّفقةِ؟ أم لا بدَّ مِنْ استِئذانِ الحاكِم أو الإِشهادِ؟
قالَ المالِكيةُ: المُلتقطُ إذا أنفَقَ على اللُّقطةِ نَفقةً مِنْ عندِه -أي كلُّ النَّفقةِ أو بعضُها، وذلك كما لو أَكراها فنقَصَ الكِراءُ عن نَفقتِها وأكمَلَ المُلتقطُ نَفقتَها- ثُم جاءَ صاحِبُها فليسَ له أَخذُها مَجانًا، ولكنْ يُخيَّرُ بينَ أَمرَينِ:
الأولُ: أنْ يَفتَكَّ اللُقطةَ فيَدفعَ للمُلتقِطِ مثلَ نَفقتِه؛ لأَّنه قامَ عنه بوَاجبٍ، وسَواءٌ أنفَقَ عليها بإِذنِ السُّلطانِ أو بغيرِ إِذنِه.
والثانِي: أنْ يَتركَ اللُّقطةَ لمَن التقَطَها في نَفقتِه التي أنفَقَها عليها، وذلك لأنَّ النَّفقةَ في ذاتِ اللُّقطةِ لا في ذِمةِ ربِّها.
فإنْ أَرادَ أَخذَها بعدَ ذلك ودفَعَ مِثلَ النَّفقةِ لَم يَكنْ له ذلك، قالَه
(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٠٠)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٤/ ٣٤٦، ٣٤٧)، و «الهداية» (٢/ ١٧٦)، و «العناية» (٨/ ٢٠٩، ٢١٠)، و «الاختيار» (٣/ ٣٩)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٩٣، ١٩٤)، و «اللباب» (١/ ٦٦٤).