للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يُدرِكُ به المَسبوقُ الجمُعةَ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّه ليسَ مِنْ شَرطِ إِدراكِ الجمُعةِ إِدراكُ الخُطبةِ، ومَن صلَّى الجمُعةَ فقد صحَّت له الجمُعةُ، وإن لم يُدرِكِ الخُطبةَ؛ لقولِ النَّبيِّ : «مَنْ أَدركَ مِنْ صَلاةِ الجمُعةِ رَكعةً فقد أَدركَ الصَّلاةَ» (١)، ولأنَّه ذِكرٌ قبلَ الصَّلاةِ؛ فوجَبَ ألَّا يَكونَ إِدراكُه شَرطًا في إِدراكِها، كالأَذانِ والإِقامةِ (٢).

واتَّفقَ الفُقهاءُ أيضًا على أنَّه إذا أَدركَ رَكعةً مِنْ الجمُعةِ بسَجدتَيها، وأَضافَ إليها أُخرى، صحَّت له الجمُعةُ؛ لقولِ النَّبيِّ : «مَنْ أَدركَ مِنْ صَلاةِ الجمُعةِ رَكعةً فقد أَدركَ الصَّلاةَ» (٣)، وفي لَفظٍ: «فَليُصلِّ إِلَيها أُخرَى».

أمَّا إذا أَدركَ أقَلَّ مِنْ رَكعةٍ، فإنَّه لا يَكونُ مُدرِكًا لِلجمُعةِ، ويُصلِّي أربَعًا، أي: ظُهرًا، وإلى هذا ذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلَةُ ومُحمدُ بنُ الحَسنِ؛ لقولِه : «مَنْ أَدركَ مِنْ صَلاةِ الجمُعةِ رَكعةً فقد أَدركَ الصَّلاةَ». فمَفهومُه أنَّه إذا أَدركَ أقَلَّ مِنْ ذلك لم يَكنْ مُدرِكًا لها؛ لأنَّه علَّقَ الإِدراكَ بقَدرِ رَكعةٍ، فانتَفَى عمَّا دُونَها، ولأنَّه أَدركَه بعدَ رَفعِ رَأسِه مِنْ رُكوعِ الثانيةِ، كما لو أَدركَه بعدَ قُعودِه قَدرَ التشهُّدِ، ولأنَّه لم يُدرِكْ


(١) حَديثٌ صَحيحٌ: رواه النسائي (١٤٢٤)، وابن ماجه (١١٢١)، والدَّارقُطنيُّ (٢/ ١٠، ١١) من حديثِ أبِي هُريرةَ.
(٢) «الإفصاح» (١/ ٢٤٥).
(٣) حَديثٌ صَحيحٌ: تَقدَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>