للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختَلفَ أصحابُنا في حَمْلِ كَلامِ أحمدَ على ظاهِرِه، أو تَأويلِه، فحَمَلَه القاضي على ظاهِرِه، وقالَ: هذا مُقتَضَى النَّظَرِ، لَكِنْ تُرِكَ مُقتَضاه في الحَجَّامِ، فبَقيَ فيما عَداه على مُقتَضَى القياسِ، وقالَ أبو مُحمَّدٍ في المُغني: كَلامُ أحمدَ يُحمِلُ على الوَرعِ، لا على التَّحريمِ، والجَوازُ أرفَقُ بالنَّاسِ، وأوفَقُ لِلقِياسِ … (١).

وقد تَقدَّمَتْ هذه المَسألةُ بالتَّفصيلِ أكثَرَ مِنْ هذا في كِتابِ البُيوعِ عندَ حُكمِ بَيعِ عُسْبِ الفَحلِ.

الشَّرطُ الرَّابِعُ: أنْ تَبقَى عَينُ المَنفَعةِ، ولا تُستَهلَكَ بالإجارةِ، أو الاستِعمالِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّه يُشترَطُ في العَينِ المُستَأجَرةِ أنْ تَبقَى عَينُها بعدَ استِيفاءِ المَنفَعةِ مِنها؛ كالدَّارِ والأراضي والعَبدِ والبَهيمةِ والثِّيابِ والفُسطاطِ والحِبالِ والخيامِ والمَحامِلِ والسَّرْجِ واللِّجامِ والسَّيفِ والرُّمحِ وأشباهِ ذلك، فعلى هذا لا يَصحُّ إجارةُ أيِّ شَيءٍ، لا يُمكِنُ الِانتِفاعُ به إلَّا باستِهلاكِ عَيْنِه؛ كَإجارةِ المَطعومِ والمَشروبِ، وإجارةِ الأشجارِ لِأخْذِ ثِمارِها، وإجارةِ الشَّاةِ لِلنِّتاجِ، أو أخذِ لَبنِها، أو الصُّوفِ، ولا الشَّمعِ لِإشْعالِه، أوِ الصَّابونِ لِغَسلٍ ونَحوِه، لأنَّ هذا لا يُنتَفَعُ به إلَّا بإتلافِ عَيْنِه، فلَم يَجُزْ (٢).

وهنا بَعضُ المَسائِلِ التي تَحتاجُ إلى تَفصيلٍ وبَيانٍ، نَذكُرُها فيما يلي:


(١) «زاد المعاد» (٥/ ٧٩٥، ٧٩٦).
(٢) «المبسوط» (١٦// ٣٣)، و «تحفة الفقهاء» (٢/ ٣٥٧)، و «بدائع الصنائع» (٤/ ١٧٥)،

<<  <  ج: ص:  >  >>