للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَب الإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ اختارَها شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ إلى أنَّ مَنْ نَوى إنْ كان غدًا رَمَضانَ فهو فَرضٌ وإلا فهو نَفلٌ صَحَّ، ويُجزِئُه عن رَمَضانَ (١).

وهذا هو قَولُ الحَنفيَّةِ أيضًا، قال المَرغينانيُّ : وإنْ نَوى عن رَمَضانَ إنْ كان غَدًا منه وعن التَّطوُّعِ إنْ كان من شَعبانَ يُكرَهُ: لأنَّه ناوٍ لِلفَرضِ من وَجهٍ، ثم إنْ ظهَر أنَّه من رَمَضانَ أجزأه عنه، وإنْ ظهَر أنَّه من شَعبانَ جازَ عن نَفلِه؛ لأنَّه يَتأدَّى بأصلِ النيَّةِ، ولو أفسَده يَجِبُ ألَّا يَقضيَه؛ لِدُخولِ الإسقاطِ في عَزيمَتِه من وَجهٍ (٢).

ثانيًا: التَّعيينُ:

ذهَب المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهَبِ إلى أنَّه يَجِبُ تَعيينُ النيَّةِ في كلِّ صَومٍ واجِبٍ، وهو أنْ يَعتقِدَ أنْ يَصومَ غَدًا من رَمَضانَ أو مِنْ قَضائِه أو من كَفَّارَتِه أو من نَذرِه؛ فإنْ لم يُعيِّنْ لم يُجزِئْه، وإنْ نَوى صَومًا مُطلَقًا أو نَوى صَومَ التَّطوُّعِ لم يُجزِئْه.

واستدَلُّوا على اشتِراطِ تَعيينِ النيَّةِ بقَولِ النَّبيِّ : «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى» (٣). فهذا ظاهِرٌ في اشتِراطِ التَّعيينِ؛ لأنَّ أصلَ النيَّةِ فَهمُ اشتِراطِه من أولِ الحَديثِ: «إنَّما الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»، ولأنَّه صَومٌ واجِبٌ،


(١) «الإنصاف» (٣/ ٢٩٥)، و «الاختيارات الفقهية» (١٥٩).
(٢) «الهداية» (١/ ١٢٠)، و «العناية شرح الهداية» (٣/ ٢٦٦).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تَقدَّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>