للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأنهُ مَهرُ مِثلِها، وهذا الشَّرطُ صَحيحٌ؛ لأنها لم تَرضَ بالمُسمَّى إلَّا بناءً على إقرارِها في دارِها، فإذا لم يَسلَمْ لها ذلكَ وقد شَرطَتْ في مُقابَلتِه زيادةً جازَ، وتكونُ تلكَ الزِّيادةُ في مُقابَلةِ ما فاتَها مِنْ الغرَضَ الَّذي إنَّما أرْخَصَتِ المَهرَ ليَسلَمَ لها، فإذا لم يَسلَمْ لها انتَقلَتْ إلى المَهرِ الزَّائدِ.

وقد صرَّحَ أصحابُ أبي حَنيفةَ بجَوازِ مِثلِ ذلكَ، معَ قَولِهم بأنهُ لا يَصحُّ اشتِراطُ دارِها ولا أنْ لا يَتزوَّجَ عليها.

وقدْ أَغنَى اللهُ عنْ هذهِ الحِيلةِ بوُجوبِ الوَفاءِ بهذا الشَّرطِ الَّذي هو أحَقُّ الشُّروطِ أنْ يُوَفَّى بهِ، وهوَ مُقتضَى الشَّرعِ والعَقلِ والقِياسِ الصَّحيحِ، فإنَّ المرأةَ لم تَرضَ ببَذلِ بضعِها للزَّوجِ إلَّا على هذا الشَّرطِ، ولو لم يَجبِ الوفاءُ به لم يكنِ العَقدُ عنْ تَراضٍ، وكانَ إلزامًا لها بما لم تَلتزِمْه وبما لم يُلزمْها اللهُ تعالَى ورَسولُهُ بهِ، فلا نَصَّ ولا قِياسَ، واللهُ المُوفِّقُ (١).

ب- اشتِراطُ الطَّلاقِ بيَدِها تُطلِّقُ نفْسَها متَى شاءَتْ (بأنْ تكونَ العِصمةُ في يَدِ الزَّوجةِ):

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو اشتَرطَتِ الزَّوجةُ أنْ يكونَ الطلاقُ بيَدها تُطلِّقُ نفْسَها متى شاءتْ، هلْ يجوزُ هذا الشَّرطُ ويكونُ لها أنْ تُطلِّقَ نفْسَها متى شاءتْ؟ أم يَبطلُ النِّكاحُ إذا وُقِفَ عليهِ قَبْلَ الدُّخولِ ويَثبتُ بَعدَه بمَهرِ المِثلِ؟ أم يَبطلُ مُطلَقًا قبْلَ الدُّخولِ وبَعدَه؟

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ الرَّجلَ إذا تَزوَّجَ المَرأةَ على أنَّ أمْرَها بيَدِها


(١) «إعلام الموقعين» (٣/ ٣٤٣، ٣٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>