للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرطُ الرابِعُ: ألاَّ تَكونَ الوَصيةُ في مَعصيةٍ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على صِحةِ الوَصيةِ من المُسلمِ لجِهةٍ عامَّةٍ كعِمارةِ المَساجدِ وتَرميمِها، وكذا الوَصيةُ للرِّباطِ وغيرِها من الجِهاتِ العامَّةِ التي فيها القُربةُ.

وصرَّحَ جُمهورُ الفُقهاءِ الصاحِبانِ من الحَنفيةِ أَبو يُوسفَ ومُحمدٌ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ على أنَّه يُشتَرطُ في المُوصَى له أنْ يَكونَ طاعةً غيرَ مَعصيةٍ، وبِناءً عليه صَرَّحوا بحُرمةِ ما يَلي:

أولًا: الوَصيةُ ببِناءِ البَيعِ والكَنائسِ:

أ- أنْ يُوصيَ ببِناءِ البِيعِ والكَنائسِ مُسلمٌ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّه يُشتَرطُ لصِحةِ الوَصيةِ من المُسلمِ أنْ تَكونَ في غيرِ مَعصيةٍ، فلا يَجوزُ للمُسلمِ أنْ يُوصيَ بمَعصيةٍ كبِناءِ كَنيسةٍ أو بَيتِ نارٍ أو مَكانٍ من أماكِنِ الكُفرِ أو الفِسقِ كالخَماراتِ وبُيوتِ القِمارِ، سَواءٌ كانَت ببِنائِه أو بشَيءٍ يُنفَقُ عليه؛ لأنَّ هذه وَصايا باطِلةٌ وأَفعالٌ مُحرَّمةٌ؛ لأنَّها مَعصيةٌ فلم تَصحَّ الوَصيةُ بها، كما لو وَصَّى بعَبدِه أو أَمتِه للفُجورِ، ولأنَّها مَجمَعٌ لمَا أبطَلَه اللهُ تَعالى من صَلاتِهم وإِظهارِ كُفرِهم، ففي ذلك إِعانةٌ لهم على مَعصيتِهم وتَعظيمِ كَنائسِهم، ولتَحريمِ ما يُستأنَفُ إِحداثُه في بِلادِ الإِسلامِ من البِيعِ والكَنائسِ.

ووَجهُ عَدمِ الصِّحةِ أنَّ الوَصيةَ شُرعَت اجتِلابًا للحَسناتِ واستِدراكًا لمَا فاتَ وذلك يُنافي المَقصودَ؛ لأنَّ المَقصودَ من شَرعِ الوَصيةِ تَدارُكُ ما

<<  <  ج: ص:  >  >>