للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكمُ مَنْ نذَرَ صَومَ يَومِ العِيدينِ الفِطرِ أو النَّحرِ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّه يَحرمُ صَومُ يَومِ العِيدينِ نذرًا أو تَطوُّعًا.

قالَ ابنُ بَطالٍ : «العُلماءُ مُجمِعونَ أنَّه لا يَجوزُ لأَحدٍ صَومُ يَومِ الفِطرِ والنَّحرِ، وأنَّ صَومَهما مُحرَّمٌ على قاضٍ فَرضًا أو ناذرٍ، ومَن نذَرَ صَومَهما فقد نذَرَ مَعصيةً، وهو داخلٌ تحتَ قَولِه : «مَنْ نذَرَ أنْ يَعصيَ اللهَ فلا يَعصِه». واختلَفُوا فى قَضائِهما لمَن نذَرَ صِيامَ يَومٍ بعَينِه فوافَقَهما» (١).

وقالَ ابنُ عَبدِ البَرِّ : «لا خِلافَ بينَ العُلماءِ أنَّه لا يَجوزُ على حالٍ مِنْ الأَحوالِ لا لمُتطوِّعٍ ولا لناذرٍ ولا لقاضٍ فَرضًا ولا لمُتمتِّعٍ لا يَجدُ هديًا ولا لأَحدٍ مِنْ النَّاسِ كلِّهم أنْ يَصومَهما -أيْ: يومَ الفِطرِ والأَضحى- وهو إِجماعٌ لا تَنازعُ فيه، فارتفَعَ القَولُ في ذلك، وهما يَومانِ حَرامٌ صيامُهما فمَن نذَرَ صيامَ واحدٍ منهما فقد نذَرَ مَعصيةً، وثبَتَ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: «مَنْ نذَرَ أنْ يَعصيَ اللهَ فلا يَعصِه» ولو نذَرَ ناذرٌ صيامَ يَومٍ بعَينِه أو صيامًا بعَينِه مثلُ صيامِ سَنةٍ بعَينِها، وما كانَ مِثلُ ذلك فوافَقَ ذلك يَومَ فِطرٍ أو أَضحى فأجمَعُوا ألَّا يُصومُهما.

واختلَفُوا في قَضائِهما، ففي أَحدِ قَوليِ الشافِعيِّ وزُفرِ بنِ الهُذيلِ وجماعةٍ: ليسَ عليه قَضاؤُهما، وهو قَولُ ابنُ كِنانةَ صاحِبِ مالكٍ.

وقالَ أَبو حَنيفةَ وأَبو يُوسفَ ومُحمدٌ (وهو قَولُ الحَنابِلةِ): يَقضيهما،


(١) «شرح صحيح البخاري» (٦/ ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>