خامسًا: بَيعُ العَينِ المُؤجَّرةِ هل تُفسَخُ الإجارةُ ببَيعِها أو لا؟
اختَلفَ الفُقهاءُ في العَينِ المُؤجَّرةِ هل يَصحُّ لِلمُؤجِّرِ مالِكِها أنْ يَبيعَها في أثناءِ مدَّةِ الإجارةِ أو لا؟ وهل يَستَوي في ذلك بَيعُها لِلمُستَأجِرِ وغَيرِه أو لا؟ وهل تَنفَسِخُ الإجارةُ ببَيعِها أو لا؟
ذَهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ، المالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يَصحُّ بَيعُ العَينِ المُستَأجَرةِ لِلمُستَأجِرِ إذا كانَتِ البَقيَّةُ مِنْ مدَّةِ الإجارةِ ما لا يَكونُ أمَدًا يُخافُ تَغيُّرُها في مِثلِه؛ لِقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ [البقرة: ٢٧٥]، وَلأنَّه لَيسَ في بَيعِها إبطالُ حَقِّ المُستَأجِرِ؛ لأنَّ المُشتَرِيَ إنَّما يَتسلَّمُها بعدَ انقِضاءِ أمَدِ الإجارةِ، وكلُّ تَصرُّفٍ لا يُبطِلُ حَقَّ المُستَأجِرِ لا يُمنَعُ، ولأنَّه عَقدٌ على مَنفَعةٍ، فلَم يَمنَعِ العَقدَ على الرَّقَبةِ، كَما لَو زَوَّجَ أَمَتَهُ ثم باعَها، ولأنَّه لَيسَ في ذلك أكثَرُ مِنْ أنَّه باعَ دارًا أو أرضًا يَتأخَّرُ قَبضُها مدَّةً مِنْ الزَمنِ، لا تَتغيَّرُ في مِثلِها، ولأنَّها في يَدِ المُستَأجِرِ مِنْ غيرِ حائِلٍ، فأشبَهَ بَيعَ المَغصوبِ مِنْ الغاصِبِ.
والمَنفَعةُ لِلمُستَأجِرِ إلى انقِضاءِ الإجارةِ، ولِلمُؤجِّرِ جَميعُ الأُجرةِ.