للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ المالِكيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ الكافِرَ إذا أسلَمَ وجَبَ عليه الغُسلُ سَواءٌ كانَ أصليًّا أو مُرتدًّا اغتسَلَ قبلَ إِسلامِه أو لم يَغتسِلْ، وُجِدَ منه في زَمنِ كُفرِه ما يُوجبُ الغُسلَ أو لم يُوجَدْ، لمَا رَوى قَيسُ بنُ عاصِمٍ قالَ: «أتَيتُ النَّبيَّ أُريدُ الإِسلامَ فأمَرَني أنْ أغتسِلَ بماءٍ وسِدرٍ» (١)، وأمرُه يَقتَضي الوُجوبَ، ولأنَّه إذا صَحَّ الخَبرُ كانَ حُجةً من غيرِ شَرطٍ آخَرَ؛ ولأنَّ الكافِرَ لا يَسلَمُ غالِبًا من جَنابةٍ تَلحقُه ونَجاسةٍ تُصيبُه، فأُقيمَت المَظِنةُ مَقامَ الحَقيقةِ كما أُقيمَ النَّومُ مَقامَ الحَدثِ والتِقاءُ الخِتانَينِ مَقامَ الإِنزالِ (٢).

٩ - غُسلُ المَيتِ:

ذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ وبَعضُ المالِكيةِ، إلى أنَّ مِنْ واجِباتِ الغُسلِ المَوتَ لقَولِ النَّبيِّ : «اغسِلْنَها ثَلاثًا أو خَمسًا أو أكثَرَ من ذلك إنْ رأيتُنَّ ذلك» (٣).

وذهَبَ بعضُ المالِكيةِ إلى سُنِّيةِ غُسلِ المَيتِ، قالَ الدُّسوقيُّ : وُجوبُ غُسلِ المَيتِ هو قَولُ عبدِ الوَهَّابِ وابنُ مُحرِزٍ وابنُ عبدِ البَرِّ، وشهَرَه ابنُ راشِدٍ وابنُ فَرحونٍ.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٥٥)، والترمذي (٦٠٥).
(٢) «فتح القدير» (١/ ٤٤)، و «رد المحتار» (١/ ٣٠٧)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ١٣٠، ١٣١)، و «الحاوي الكبير» (١/ ٩٨)، و «المجموع» (٢/ ١٧١)، و «الإفصاح» (١/ ٨٥)، و «المغني» (١/ ٢٧٠، ٢٧١)، و «كشاف القناع» (١/ ١٤٥).
(٣) رواه البخاري (١١٩٥)، ومسلم (٩٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>