للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الواصِفِ بما غرِمَه وليسَ لمالِكِها تَضمينُ الواصِفِ؛ لأنَّ الذي قبَضَه إنَّما هو مالُ المُلتقِطِ لا مالَ صاحِبِ اللُّقطةِ، بخِلافِ ما إذا سلَّمَ العَينَ.

فأمَّا إنْ وصَفَها إِنسانٌ فأخَذَها ثُم جاءَ آخرُ فوصَفَها وادَّعاها لَم يَستحقَّ شيئًا؛ لأنَّ الأَولَّ استحَقَّها لوَصفِه إِياها وعَدمِ المَنازعِ فيها وثبَتَت يدُه عليها ولَم يوجَدْ ما يَقتَضي انتِزاعَها مِنه فوجَبَ إِبقاؤُها كسائِرِ مالِه (١).

ثانيًا: إذا أَتى صاحِبُ اللُّقطةِ بعدَ الحَولِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأَربعةِ على أنَّ صاحِبَ اللُّقطةِ إذا جاءَ بعدَ الحَولِ وعرَّفَ اللُّقطةَ وجَبَ دَفعُها إليه إنْ كانَت باقِيةً، وقِيمتُها إنِ استَهلكَها، واستَدلُّوا على ذلك بحَديثِ زَيدِ بنِ خالدٍ الجُهَنيَّ صاحبِ رَسولِ اللَّهِ أنَّه قالَ: سُئلَ رَسولُ اللَّهِ عن اللُّقطةِ الذَّهبِ أو الوَرقِ، فقالَ: «اعرِفْ وِكاءَها وعِفاصَها ثُم عرِّفْها سَنةً فإنْ لَم تَعرفْ فاستَنفقْها، ولتَكنْ وَديعةً عندَك، فإنْ جاءَ طالِبُها يومًا مِنْ الدَّهرِ فأدِّها إليه … » (٢).

قالَ الإِمامُ النَّوويُّ : قَولُه : «ثُم عرِّفْها سَنةً فإنْ لَم يَجئْ صاحِبُها كانَت وَديعةً عندَك» وفي الرِّوايةِ الثانِيةِ: «ثُم عرِّفْها سَنةً فإنْ لَم تَعرفْ فاستَنفقْها ولتَكنْ وَديعةً عندَك، فإنْ جاءَ طالِبُها يومًا مِنْ الدَّهرِ فأدِّها إليه» مَعناه: تَكونُ أَمانةً عندَك بعدَ السَّنةِ ما لَم تَتملَّكْها، فإنْ تلِفَت بغيرِ


(١) «المغني» (٦/ ١٣، ١٤)، و «الكافي» (٢/ ٣٥٤)، و «المبدع» (٥/ ٢٨٨)، و «الإنصاف» (٦/ ٤٢٢، ٤٢٣).
(٢) أخرجه مسلم (١٧٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>