اختِلافُ البائِعِ والمُشتَري في قَبضِ الثَّمنِ والمَبيعِ:
إنِ اختلَف البائِعُ والمُشتَري في قَبضِ الثَّمنِ أو المَبيعِ، بأنْ قالَ المُشتَري: أقبَضتُكَ الثَّمنَ، وأنكَرَ البائِعُ، أو قال البائِعُ: أقبَضتُكَ المَبيعَ، وأنكَرَ المُشتَري ولَم يَكُنْ لِأحَدِهما بَيِّنةٌ، اختلَف الفُقهاءُ فيه:
فقالَ الحَنفيَّةُ والشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ: لو اختلَف البائِعُ والمُشتَري في قَبضِ المَبيعِ، فقال البائِعُ: قَبَضتَه، وقال المُشتَري: لَم أقبِضْه، فالقَولُ قَولُ المُشتَري؛ لأنَّ البائِعَ يَدَّعي عليه وُجودَ القَبضِ، وتَقرُّرَ الثَّمنِ، وهو يُنكِرُ، ولأنَّ عَدَمَ القَبضِ أصلٌ، والوُجودَ عارِضٌ، كان المُشتَري مُتمسِّكًا بالأصلِ، والبائِعُ يَدَّعي أمرًا عارِضًا، فكان الظاهِرُ شاهِدًا لِلمُشتَري، فكانَ القَولُ قَولَه مع يَمينِه.
وكذا إذا قبَض بَعضَه واختَلَفا في قَدْرِ المَقبوضِ، فالقَولُ قَولُ المُشتَري، لِمَا قُلنا.
ولو اختَلَفا في قَبضِ الثَّمنِ فقال المُشتَري: قَبَضتَه، وقال البائِعُ: لَم أقبِضْه، فالقَولُ قَولُ البائِعِ؛ لِما قُلنا في قَبضِ المَبيعِ.
وقالَ المالِكيَّةُ: إنِ اختَلَفا في قَبضِ الثَّمنِ بعدَ تَسليمِ السِّلعةِ، بأنْ قالَ المُشتَري: أقبَضتُكَ الثَّمنَ، وأنكَرَ البائِعُ، أو اختَلَفا في قَبضِ السِّلعةِ، بأنْ قالَ البائِعُ: أقبَضتُها، وأنكَرَ المُشتَري؛ فالأصلُ بَقاؤُهما وعَدَمُ الإقباضِ؛ فالقَولُ لِمَنِ ادَّعَى عَدَمَه منهما بيَمينِه، إلَّا لِعُرفٍ يَشهَدُ بخِلافِ الأصلِ؛ فالقَولُ لِمَنْ شَهِدَ له العُرفُ، كالجَزَّارِ، فقد جَرَتِ العادةُ أنَّه لا يَقطَعُ اللَّحمَ إلَّا بعدَ قَبضِه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute