للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابنُ قُدامةَ : فإنِ اعتمَر في أشهُرِ الحَجِّ ولم يحُجَّ ذلك العامَ بل حجَّ من العامِ القابِلِ فليس بمُتمتِّعٍ، لا نَعلمُ فيه خِلافًا إلا قَولًا شاذًّا عن الحَسنِ فيمَنِ اعتمَر في أشهُرِ الحَجِّ فهو مُتمتِّعٌ، حجَّ أو لم يحُجَّ، والجُمهورُ على خِلافِ هذا؛ لأنَّ اللهَ تَعالى قال: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ [البقرة: ١٩٦] وهذا يَقتَضي الموالاةَ بينَهما.

ولأنَّ العُلماءَ أجمَعوا على أنَّ مَنْ اعتمَر في غيرِ أشهُرِ الحَجِّ ثم حجَّ من عامِه ذلك فليس بتَمتُّعٍ، فهذا أوْلى من التَّباعُدِ بينَهما أكثرَ (١).

د- عَدمُ السَّفرِ بينَ العُمرةِ والحَجِّ:

اختلَفت عِباراتُ الفُقهاءِ في بَيانِ هذا الشَّرطِ.

فَقال الحَنفيةُ: يُشترَطُ أنْ يَكونَ طَوافُ العُمرةِ كلُّه أو أكثرُه وطَوافُ الحَجِّ في سَفَرٍ واحدٍ، فإنْ عادَ المُتمتِّعُ إلى بَلدِه بعدَ العُمرةِ ولم يَكنْ ساقَ الهَديَ بطَل تَمتَّعُه؛ لأنَّه ألَمَّ بأهلِه إلمامًا صَحيحًا فانقَطعَ حُكمُ السَّفرِ الأولِ.

ولو رجَع إلى أهلِه قبلَ إتمامِ الطَّوافِ ثم عادَ وحَجَّ، فإنْ كان أكثرُ الطَّوافِ في السَّفرِ الأولِ لم يَكنْ مُتمتِّعًا، وإنْ كان أكثرُه في السَّفرِ الثاني كان مُتمتِّعًا.


(١) «المغني» (٥/ ١٠٢)، و «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٥٩٠)، و «تبيين الحقائق» (٢/ ٤٥)، و «الاستذكار» (٤/ ٩٩)، و «جواهر الإكليل» (١/ ١٧٣)، و «الفواكه الدواني» (١/ ٤٣٤)، و «الذخيرة» (٣/ ٢٩٢)، و «المجموع» (٧/ ١٥٠، ١٥١)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٤٨)، و «كشاف القناع» (٢/ ٤١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>