للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هلِ الزِّنا يُوجِبُ التَّحريمَ؟

اختَلفَ الفقهاءُ فيما لو زَنَى رَجلٌ بامرأةٍ، هل تَحرمُ عليه بنتُها؟ أو زَنَى ببنتٍ، هل تَحرمُ عليه أمُّها أم لا؟ وسواءٌ زنَى بأمِّ زوجتِه أمْ ببَنتِ زوجتِه، هل تَحرمُ عليه الأخرى أم لا؟ وهل هُناكَ فرقٌ بينَ ما إذا كانَ ذلكَ قبلَ الدُّخولِ أو بعدَه؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ وروايةُ ابنِ القاسمِ عن مالكٍ في «المُدوَّنة» (١) إلى أنَّ مَنْ زَنَى بامرأةٍ ولو في دُبرِها حَرُمَتْ على أبيه وابنِه، وحرمَتْ عليه أمُّها وابنتُها، كما لو وَطئَها بشُبهةٍ أو حَلالًا، ولو وَطئَ أمَّ امرأتِه أو ابنتَها حرمَتْ عليه امرأتُه، ولو زنَى بامرأةِ أبيه أو ابنِه بَطلَ نِكاحُها.

وذلكَ لِمَا رواهُ عبدُ الرزاقِ عنِ ابنِ جُرَيجٍ قالَ: أُخبِرتُ عن أبي بَكرِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ أمِّ الحَكمِ قالَ: قالَ رَجلٌ يا رَسولَ اللَّهِ زَنيْتُ بامرَأةٍ في


(١) قال سحنونٌ في «المدونة الكبرى» (٤/ ٢٧٧، ٢٧٨): قلتُ: أرَأيتَ إنْ زنَى بأمِّ امرَأتِه أو بابنتِها أتَحرمُ عليهِ امرأتُه في قولِ مالكٍ؟ قالَ: قالَ لنا مالكٌ: يُفارِقُها ولا يُقيمُ عَليها، قالَ سحنونٌ: وهذا خِلافُ ما قالَ لنا مالِكٌ في «مُوطَّئِه»، وأصحابُه على ما في «الموطأ» ليسَ بينَهُم فيه اختلافٌ، وهو الأمرُ عندَهم.
ابنُ أبي ذِئبٍ عن الحارثِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ أنه سأَلَ ابنَ المُسيِّبِ عن رَجلٍ كانَ يتبعُ امرأةً حَرامًا فأرادَ أنْ يَنكحَ ابنتَها أو أمَّها، قالَ: فسألَتُ ابنَ المُسيبِ فقالَ: لا يُحرِّمُ الحَرامُ الحلالَ، قالَ: ثمَّ سألتُ عُروةَ بنَ الزُّبيرِ فقالَ: نِعمَ ما قالَ ابنُ المُسيِّبِ، (قال) ابنُ أبي ذِئبٍ: وقالَ ذلكَ ابنُ شهابٍ، (قال): وأخبَرنِي رِجالٌ مِنْ أهلِ العلمِ عن مُعاذِ بنِ جبَلَ ورَبيعةَ قالَا: «ليسَ لحَرامٍ حُرمةٌ في الحَلالِ».

<<  <  ج: ص:  >  >>