للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العِباداتِ، بدَليلِ أنَّه لو قال: إنْ شَفى اللهُ مَريضي صُمتُ شَهرًا مُتتابِعًا أو مُتفرِّقًا كان على ما شرَطه، وإنَّما لم يَلزَمْه الهَديُ والقَضاءُ؛ لأنَّه إذا شرَط شَرطًا كان إحرامُه الذي فعَله حينَ وُجودِ الشَّرطِ، فصارَ بمَنزلةِ مَنْ أكمَل أفعالَ الحَجِّ.

والأصلُ في ذلك حَديثُ ضُباعةَ بنتِ الزُّبيرِ، فعَن عائشةَ قالت: دخَل رَسولُ اللهِ على ضُباعةَ بنتِ الزُّبيرِ فقال لها: «لَعلَّكِ أرَدتِ الحَجَّ؟ قالت: واللهِ لا أجِدُني إلا وَجِعةً، فقال لها: حُجِّي واشتَرِطي، قُولي: اللَّهمَّ محِلِّي حيثُ حبَستَني» (١) (٢).

ما يَجبُ على المُحصَرِ بعدَ التَّحلُّلِ:

قَضاءُ ما أُحصِرَ عنه المُحصَرُ:

اتَّفَق الفُقهاءُ على أنَّه يَجبُ على المُحصَرِ قَضاءُ النُّسكِ الذي أُحصِرَ عنه إذا كان واجبًا، ولا يَسقطُ عنه هذا الواجبُ بسَببِ الإحصارِ، وإنَّما أفادَه الإحصارُ بجوازِ الخُروجِ منه.

وأمَّا مَنْ أُحصِر عن نُسكِ التطوُّعِ فقد ذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ خِلافًا للحَنفيةِ إلى أنَّه لا يَجبُ عليه القَضاءُ.


(١) رواه البخاري (٤٨٠١)، ومسلم (١٢٠٧).
(٢) «الأم» (٢/ ١٥٨)، و «الحاوي الكبير» (٤/ ٣٦٠)، و «المجموع» (٨/ ٢٣٦، ٢٤٧)، و «شرح صحيح مسلم» (٨/ ١٣٧)، و «مختصر خلافيات البيهقي» (٣/ ٢٥٩)، و «مغني المحتاج» (١/ ٥٣٤)، و «نهاية المحتاج» (٢/ ٤٧٥)، و «المغني» (٤/ ٥١١)، و «شرح الزركشي» (١/ ٤٧٨)، و «الإنصاف» (٤/ ٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>