ونِصابُ العُروضِ بالقيمةِ، ويُقوَّمُ بذَهبٍ أو فِضةٍ، فلا زَكاةَ فيما يَملِكُه الإِنسانُ من العُروضِ إنْ كانَت قيمَتُها أقَلَّ من نِصابِ الزَّكاةِ في الذَّهبِ أو الفِضةِ، ما لم يَكنْ عندَه من الذَّهبِ أو الفِضةِ نِصابٌ أو تَكمِلةُ نِصابٍ.
واختَلفَ الفُقهاءُ فيما تَقومُ به عُروضُ التِّجارةِ بالذَّهبِ أو بالفِضةِ.
فذهَبَ الحَنابِلةُ وأبو حَنيفةَ فى رِوايةٍ عنه، وعليه المَذهبُ إلى أنَّها تَقومُ بالأحَظِّ لِلفُقراءِ، أي أنَّه يَقومُ بأَوْفى القِيمَتينِ من الذَّهبِ والفِضةِ حتى إنَّها إذا بلَغَت بالتَّقويمِ بالفِضةِ نِصابًا ولم تَبلُغْ بالذَّهبِ قُوِّمتْ بما تَبلُغُ به النِّصابَ.
قالوا: لأنَّ الذَّهبَ والفِضةَ وإنْ كانَ في الثَّمنيةِ والتَّقويمِ بها سَواءً، رَجَّحْنا أحَدَهما بمُرجِّحٍ وهو النَّظرُ لِلفُقراءِ، والأخذُ بالاحتِياطِ أَوْلى، ألا تَرى أنَّه لو كانَ التَّقويمُ بأحَدِهما يَتِمُّ النِّصابُ وبالآخَرِ لا، فإنَّه يُقوَّمُ بما يَتِمُّ به النِّصابُ نَظرًا للفُقَراءِ واحتِياطًا، كذا هذا.
وقالَ أبو حَنيفةَ في رِوايةٍ عنه: إنَّ المالِكَ يُخيَّرُ فيما يُقوَّمُ به؛ لأنَّ الثَّمنَينِ في تَقديرِ قِيَمِ الأَشياءِ بها سَواءٌ.
ووَجهُ هذه الرِّوايةِ: أنَّ وُجوبَ الزَّكاةِ في عُروضِ التِّجارةِ باعتِبارِ مَاليَّتِها دونَ أَعيانِها، والتَّقويمُ لِمَعرِفةِ مِقدارِ الماليَّةِ، والنَّقدانِ في ذلك سِيَّانِ؛ فكانَ الخيارُ إلى صاحِبِ المالِ يُقوِّمُه بأيِّهما شاءَ.
ألَا تَرى أنَّ في السَّوائمِ عندَ الكَثرةِ، وهي ما إذا بلَغَت مِئتَينِ، الخيارَ إلى صاحِبِ المالِ إنْ شاءَ أدَّى أربَعَ حِقاقٍ، وإنْ شاءَ خَمسَ بَناتِ لَبونٍ، فكذا هذا.