للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه، وفي لُزومِ أُجرةِ المثلِ مِنْ ذلك المَوضعِ إلى أنْ يَرجعَ إلى البلدِ الذي استَعارَ منه وَجهانِ:

وهل له الرُّجوعُ بها إلى مَكانِها الذي استَعارَها منه أو لا؟ وَجهانِ:

أحدُهما: لا؛ لأنَّ الإِذنَ قد انقَطعَ بالمُجاوزةِ فيُسلِّمُها إلى حاكمِ تلك البَلدِ.

وثانِيهما: نَعم، وهو الأوجَه وصحَّحَه السُّبكيُّ وتبِعَه البُلقِينيُّ، كما لا يَنعزلُ الوَكيلُ عن وَكالتِه بتَعدِّيه، بجامعِ أنَّ كلًّا منهما عَقدٌ جائزٌ، ولا يَلزمُه على هذا أُجرةُ الرُّجوعِ (١).

والثالثُ: إذا كانَت مُطلَقةً في الوقتِ مُقيَّدةً في الانتِفاعِ بأنِ استَعارَها ليَحملَ عليها حِنطةً فله أنْ يَحمِلَ الحِنطةَ متى شاءَ كما يَقولُ الحَنفيةُ.

والرابعُ: إذا كَانَتْ مُقيَّدةً في الوقتِ مُطلَقةً في الانتِفاعِ بأنِ استَعارَ دابَّةً يومًا ولَم يُسمِّ ما يَحملُ عليها فله أنْ يَحملَ ما شاءَ في اليومِ، فإنْ أمسَكَها بعدَ الوقتِ ضمِنَ إنِ انتَفعَ بها في اليومِ الثانِي، وقيلِ: يَضمنُ بمُجردِ الإِمساكِ؛ لأنَّه أمسَكَ مالَ الغيرِ بغيرِ إِذنِه وهو الصَّحيحُ؛ وإنِ اختلَفا في الوقتِ والمَكانِ وما يَحملُ عليها فالقولُ قولُ المُعيرِ معَ يَمينِه؛ لأنَّ الإِذنَ منه يُستفادُ فيَثبتُ بقَدرِ ما أقَرَّ به، وما زادَ فالمُستَعيرُ مُستعمَلٌ فيما لَم يُؤذنْ له فيَضمنُ (٢).


(١) «روضة الطالبين» (٣/ ٦٢٣، ٦٢٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٧٥).
(٢) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢١٥، ٢١٦)، و «الهداية» (٣/ ٢٢١)، و «العناية» (١٢/ ٢٥٠)، و «الاختيار» (٣/ ٦٩، ٧٠)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٢٩)، و «حاشية ابن عابدين» (٨/ ٣٨٧)، و «مجمع الضمانات» (١/ ١٦٤، ١٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>