للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ القطَّانِ الفاسِيُّ : النِّكاحُ مَندوبٌ إليهِ وليسَ بواجِبٍ، وهذا قَولُ الفُقهاءِ أجمَعَ (١).

وقالَ العَمرانِيُّ : أجمَعَتِ الأمَّةُ على جَوازِ النِّكاحِ (٢).

مَحاسِنُ النِّكاحِ وحِكمةُ مَشروعيَّتهِ:

مَقاصِدُ النكاحِ ثلاثةٌ: حِفظُ النَّسلِ، وإخراجُ الماءِ الَّذي يَضرُّ احتِباسُه بالبَدنِ، ونَيلُ اللَّذةِ.

وهذهِ الثالثةُ هيَ الَّتي في الجَنَّةِ؛ إذْ لا تَناسُلَ هُناكَ ولا احتِباسَ (٣).

قالَ الإمامُ السَّرخسيُّ : يَتعلقُ بهذا العَقدِ أنواعٌ مِنْ المَصالحِ الدِّينيةِ والدُّنيويةِ، مِنْ ذلكَ حِفظُ النِّساءِ والقيامُ عليهنَّ والإنفاقُ، ومِن ذلكَ صِيانةُ النَّفسِ عنِ الزِّنا، ومِن ذلكَ تكثيرُ عِبادِ اللهِ تَعالى وأمَّةِ الرَّسولِ وتَحقيقُ مُباهاةِ الرَّسولِ بهِم كما قالَ: «تَناكَحُوا تَناسَلُوا تَكثُرُوا فإني مُباهٍ بكُم الأُممَ يومَ القِيامةِ».

ثمَّ قالَّ: وسبَبُه تَعلقُ البقاءِ المَقدورِ به إلى وقتِه؛ فإنَّ اللهَ تعالَى حكَمَ ببقاءِ العالَمِ إلى قيامِ السَّاعةِ، وبالتَّناسلِ يكونُ هذا البقاءُ، وهذا التَّناسلُ عادةً لا يكونُ إلا بينَ الذُّكورِ والإناثِ، ولا يَحصلُ ذلكَ بينَهُما إلَّا بالوطءِ، فجعَلَ الشَّرعُ طريقَ ذلكَ الوطءِ النِّكاحَ؛ لأنَّ في التَّغالُبِ فَسادًا، وفي الإقدامِ


(١) «الإقناع في مسائل الإجماع» (٣/ ١١٤٥).
(٢) «البيان» (٩١٠٦).
(٣) «أسنى المطالب» (٣/ ٩٨)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>