الكبيرَ لا يُسرَقُ، وإنما يُخدَعُ بشَيءٍ، إلا أنْ يكونَ في حالِ زَوالِ عَقلِه بنَومٍ أو جُنونٍ فتَصحُّ سَرقتُه ويُقطعُ سارقُه.
فإنْ كانَ المَسروقُ في حالِ نَومِه أو جُنونِه أمَّ وَلدٍ ففي قَطعِ سارقِها وَجهانِ:
أحَدُهما: لا يُقطعُ؛ لأنها لا يَحلُّ بَيعُها ولا نَقلُ المِلكِ فيها، فأشبَهَتِ الحُرةَ.
والثاني: يُقطعُ؛ لأنها مَملوكةٌ تُضمَنُ بالقيمةِ، فأشبَهَتِ القِنَّ، وحُكمُ المُدبَّرِ حُكمُ القِنِّ؛ لأنه يَجوزُ بَيعُه ويُضمَنُ بقيمتِه.
فأما المُكاتبُ فلا يُقطَعُ سارقُه؛ لأنَّ مِلكَ سَيدِه ليسَ بتامٍّ عليهِ؛ لكَونِه لا يَملكُ مَنافعَه ولا استِخدامَه ولا أخْذَ أرشِ الجِنايةِ عليهِ، ولو جنَى السيِّدُ عليهِ لَزمَه له الأرشُ، ولو استَوفى مَنافعَه كَرهًا لَزمَه عِوضُها، ولو حبَسَه لَزمَه أجرةُ مِثلِه مدَّةَ حَبسِه أو إنظارُه مِقدارَ مدَّةِ حَبسِه، ولا يَجبُ القَطعُ لأجْلِ مِلكِ المُكاتبِ في نفسِه؛ لأنَّ الإنسانَ لا يَملكُ نفسَهُ، فأشبَهَ الحُرَّ، وإنْ سرَقَ مِنْ مالِ المُكاتبِ شَيئًا فعَليهِ القَطعُ؛ لأنَّ مِلكَ المُكاتبِ ثابتٌ في مالِ نفسِه، إلا أنْ يكونَ السارقُ سيِّدَه فلا قطْعَ عليهِ؛ لأنَّ له في مالِه حَقًّا وشُبهةً تَدرأُ الحَدَّ، ولذلكَ لو وَطئَ جارِيتَه لم يُحَدَّ (١).
حُكمُ مَنْ سرَقَ ماءً أو مِلحًا أو كَلأً:
نَصَّ عامَّةُ الفُقهاءُ على أنَّ مَنْ سرَقَ ماءً سائلًا فإنه لا قطْعَ حِينئذٍ ولو بلَغَ قِيمةُ الماءِ المَسروقِ النِّصابَ، وسواءٌ كانَ مُحرَّزًا أو لا؛ لأنه ممَّا لا