ولا يَجوزُ عَقدُها على رَدِّ مَنْ جاءَ من المُسلِمينَ منهم إلينا مُطلَقًا؛ لأنَّه يَدخُلُ فيه مَنْ له عَشيرةٌ ومَن لا عَشيرةَ له؛ لأنَّ مَنْ لا عَشيرةَ له يُخافُ عليه أنْ يُفتَنَ عن دِينِه؛ ولهذا تَجِبُ عليه الهِجرةُ. ومَن له عَشيرةٌ تَمنَعُ عنه لا يُخافُ عليه أنْ يُفتَنَ عن دِينِه؛ ولهذا يُستحَبُّ له أنْ يُهاجِرَ ولا يَجبُ عليه؛ والضابِطُ أنَّ كلَّ مَنْ لو أسلَمَ في دارِ الحَربِ لم تَجِبْ عليه الهِجرةُ يَجوزُ شَرطُ رَدِّه في عَقدِ الهُدنةِ. ولِهذا المَعنى:(فادَى النَّبيُّ ﷺ العُقَيليَّ بعدَ أنْ أسلَمَ برَجُلَينِ من أصحابِه)؛ لأنَّ العُقَيليَّ كانَ له عَشيرةٌ تَمنَعُ منه.
ورُوِي:«أنَّ النَّبيَّ ﷺ أرادَ أنْ يُنفِذَ أبا بَكرٍ ﵁ إلى مَكةَ عامَ الحُدَيبيةِ، فامتنَعَ وقالَ: ليسَ لي بها رَهطٌ ولا عَشيرةٌ، وأراد أنْ يُنفِذَ عُمرَ ﵁، فقالَ مِثلَ ذلك، فأنفَذَ عُثمانَ ﵁؛ لأنَّه كانَ له بها رَهطٌ وعَشيرةٌ، وهم: بَنو أُمَيةَ، فلمَّا دخَلَ مَكةَ أكرَمُوه، واستَمَعوا إلى رِسالَتِه، وقالُوا له: إنِ اختَرتَ أنْ تَطوفَ بالبَيتِ فطُفْ، فقالَ: لا أطُوفُ حتى يَطُوفَ رَسولُ اللهِ ﷺ، فثَاروا عليه، وهَمُّوا بقَتلِه»(١).
٤ - بَقيَّةُ الشُّروطِ إجمالًا في كلِّ مَذهبٍ:
اشتَرَط الفُقهاءُ أيضًا لصِحةِ العَقدِ أنْ يَخلوَ العَقدُ من شُروطٍ مَحظورةٍ منَعَ منها الشَّرعُ قد ذكَرَها الفُقهاءُ.
(١) «المهذب» (٢/ ٢٦٠)، و «البيان» (١٢/ ٣١١، ٣١٢)، و «روضة الطالبين» (٧/ ٦٣، ٦٤)، و «مغني المحتاج» (٦/ ١٠٠، ١٠١)، و «النجم الوهاج» (٩/ ٤٤٨، ٤٤٩)، و «كنز الراغبين» (٤/ ٥٨٧، ٥٨٨).