للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي هو خَيرٌ»، وظاهِرُ هذه الرِّوايةِ أنَّ الكَفارةَ تَجوزُ قبلَ الحِنثِ، وظاهِرُ الثانيةِ أنَّها بعدَ الحِنثِ.

والسَّبَبُ الثانِي اختِلافُهم في هل يُجزئُ تَقديمُ الحَقِّ الواجِبِ قبلَ وَقتِ وُجوبِه؛ لأنَّه مِنْ الظاهِرِ أنَّ الكَفارةَ إنَّما تَجبُ بعدَ الحِنثِ كالزَّكاةِ بعدَ الحَولِ.

ولقائِلٍ أنْ يَقولَ: إنَّ الكَفارةَ إنَّما تَجبُ بإِرادةِ الحِنثِ والعَزمِ عليه كالحالِ في كَفارةِ الظِّهارِ، فلا يَدخلُه الخِلافُ مِنْ هذه الجِهةِ، وكانَ سَببُ الخِلافِ مِنْ طَريقِ المَعنى هو: هل الكَفارةُ رافِعةٌ للحِنثِ إذا وقَعَ أو مانِعةٌ له؟ فمَن قالَ: مانِعةٌ، أجازَ تَقديمَها على الحِنثِ، ومَن قالَ: رافِعةٌ، لم يُجِزْها إلا بعدَ وُقوعِه (١).

إذا كَفَّرَ الرَّجلُ عن غَيرِه بغَيرِ إذنِه:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ مَنْ كَفَّرَ عن غَيرِه كَفارةَ يَمينٍ أو غَيرِها بغَيرِ إذنِه، هل يُجزِئُه أو لا؟

فذهَبَ المالِكيةُ في المَشهورِ إلى أنَّه يُجزِئُه أنْ يُكفِّرَ عنه بأمرِه وبغَيرِ أمرِه.

قالَ الإمامُ البُخاريُّ: بابُ ذَبحِ الرَّجلِ البَقرَ عن نِسائِه مِنْ غيرِ أمرِهنَّ: عن عَمرةَ بِنتِ عَبدِ الرَّحمَنِ قالَت: سَمِعتُ عائِشةَ تَقولُ: خرَجْنا معَ رَسولِ اللهِ لخَمسٍ بَقينَ مِنْ ذي القَعدةِ لا نَرى إلا الحَجَّ، فلمَّا دنَوْنا مِنْ مَكةَ أمَرَ رَسولُ اللهِ مَنْ لم يَكنْ معَه هَديٌ إذا طافَ وسَعى بينَ


(١) «بداية المجتهد» (١/ ٣٠٧، ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>