للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«المُؤمِنونَ عندَ شُروطِهم»؛ ولأنَّ المُتعاقِدَيْنِ يَملِكانِ التَّصرُّفَ في هذا العَقدِ بالإقالةِ والإمضاءِ، فمَلَكا الزِّيادةَ فيه كخيارِ المَجلِسِ.

وقال أبو حَنيفةَ في القَرضِ: وبَدَلُ المُتلَفِ كقَولِنا: وفي ثَمَنِ المَبيعِ والأُجرةِ والصَّداقِ وعِوَضِ الخُلعِ كقَولِهما؛ لأنَّ الأجَلَ يَقتَضي جُزءًا مِنَ العِوَضِ، والقَرضُ لا يَحتمِلُ الزِّيادةَ والنَّقصَ في عِوَضِه، وبَدَلُ المُتلَفِ الواجِبُ فيه المِثلُ مِنْ غيرِ زيادةٍ ولا نَقصٍ، فلذلك لَم يتأجَّلْ، وبَقيَّةُ الأعواضِ تَجوزُ الزِّيادةُ فيها، فجازَ تأجيلُها.

ولنا: أنَّ الحَقَّ يَثبُتُ حالًّا، والتَّأجيلَ تَبرُّعٌ منه ووَعدٌ، فلا يَلزَمُ الوَفاءُ به كما لو أعارَه شَيئًا، وهذا لا يَقَعُ عليه اسمُ الشَّرطِ، ولو سُمِّيَ فالخَبَرُ مَخصوصٌ بالعاريةِ فيُلحَقُ به مما اختَلَفا فيه؛ لأنَّه مِثلُه.

ولنا: على أبي حَنيفةَ أنَّها زيادةٌ بعدَ استِقرارِ العَقدِ، فأشبَهَ القَرضَ، وأمَّا الإقالةُ فهي فَسخٌ وابتِداءُ عَقدٍ آخَرَ بخِلافِ مَسألَتِنا.

وأمَّا خيارُ المَجلِسِ فهو بمَنزِلةِ ابتِداءِ العَقدِ بدَليلِ أنَّه يُجزِئُ فيه القَبضُ لِما يُشترَطُ قَبضُه والتَّبيينُ لِما في الذِّمَّةِ (١).

الواجِبُ رَدُّه على المُقترِضِ:

قد تَقدَّم اختِلافُ العُلماءِ فيما يَصحُّ قَرضُه، وما لا يَصحُّ، لكنَّهم اتَّفَقوا على أنَّ مَنْ أسلَفَ سَلَفًا مما يَجوزُ أنْ يُسلَفَ فيه يَجبُ على المُقترِضِ رَدُّ


(١) «المغني» (٤/ ٢٠٨، ٢٠٩)، ويُنظر: «الكافي» (٢/ ١٢٢)، و «كشاف القناع» (٣/ ٣٦٤، ٣٦٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٣٢٤)، و «الإنصاف» (٥/ ١٣٠)، و «الروض المربع» (٢/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>