يَجُزْ تزويجُها بعدَ ذلك إلَّا برِضاها، ولا يُكتفَى بسُكوتِها في هذا المَوضعِ؛ لأنها ثيِّبٌ؛ لقَولِه ﷺ:«والثيَّبُ تُشاوَرُ».
قالَ الكاسانِيُّ ﵀: لا خِلافَ أنَّ مَنْ زالَتْ عُذرَتُها بوَطءٍ يتعلَّقُ به ثُبوتُ النَّسبِ -وهو الوَطءُ بعَقدٍ جائزٍ أو فاسِدٍ أو شُبهةِ عَقدٍ وجَبَ لها مَهرٌ بذلكَ الوطءِ- أنها تزوَّجُ كما تزوَّجُ الثيِّبُ (١).
إلَّا أنهم اختَلفُوا في مَوضعينِ:
المَوضعُ الأولُ: إذا زالَتْ بَكارتُها بزنًا:
اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو زالَتْ بكارةُ المَرأةِ بزنًا أو غَصبٍ، هل يُرفَعُ الإجبارُ عنها بذلكَ وتكونُ في حُكمِ الثيِّبِ؟ أم تكونُ في حُكمِ البِكرِ وتزوَّجُ زواجَ الأبكارِ؟
فذهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ والمالِكيةُ إلى أنَّ الثُّيوبةَ التي تَرفعُ الإجبارَ عن المرأةِ وأنْ تكونَ ثيِّبًا أو في حُكمِ الثيبِ هي التي تكونُ بوَطءٍ في نِكاحٍ صَحيحٍ أو شُبهةٍ مِنْ دُونِ الزِّنا والغَصبِ، فمَن زَنَتْ أو غُصبَتْ لا يَزولُ عنها الإجبارُ، وتُعامَلُ مُعامَلةَ البكرِ في الاستِئذانِ، وتزوَّجُ زواجَ الأبكارِ.
استدلَّ لأبي حَنيفةَ ﵀ أنَّ عِلةَ وَضعِ النُّطقِ شَرعًا وإقامةَ السُّكوتِ مَقامَه في البِكرِ هو الحَياءُ، وقد وُجدَ، ودَلالةُ أنَّ العلَّةَ ما قُلنا إشارةُ النَّصِّ والمَعقولُ.
(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٢٤٤)، و «المبسوط» (٥/ ٧، ٨)، و «الهداية» (١/ ١٩٧)، و «شرح فتح القدير» (٣/ ٢٧٠، ٢٧١).