للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ رُشدٍ : وأمَّا لُحوقُ حُكمِ الإيلاءِ للزوجِ إذا ترَكَ الوَطءَ بغَيرِ يَمينٍ فإنَّ الجُمهورَ على أنه لا يَلزمُه حُكمُ الإيلاءِ بغَيرِ يَمينٍ، ومالكٌ يُلزِمُه وذلكَ إذا قصَدَ الإضرارَ بتَركِ الوَطءِ، وإنْ لم يَحلفْ على ذلكَ فالجُمهورُ اعتَمدُوا الظَّاهرَ، ومالكٌ اعتَمدَ المَعنى؛ لأنَّ الحُكمَ إنَّما لَزمَه باعتِقادِه ترْكَ الوَطءِ، وسواءٌ شَدَّ ذلكَ الاعتِقادَ بيَمينٍ أو بغَيرِ يَمينٍ؛ لأنَّ الضررَ يُوجَدُ في الحالتَينِ جَميعًا (١).

تَفسيرُ الفَيءِ:

الفَيءُ: هو أنْ يَرجعَ الزوجُ إلى مُعاشَرةِ زَوجتِه التي آلَى مِنها، بحَيثُ تَعودُ الحَياةُ الزَّوجيةُ إلى ما كانَتْ عليهِ قبلَ الإيلاءِ.

ثمَّ الفَيءُ على ضَربَينِ: أصليٌّ وبَدلٌ، أحَدُهما هو الأصلُ وهو الفَيءُ بالوَطءِ مع القُدرةِ.

والآخَرُ بدَلٌ عَنْ الأوَّلِ، وهو الفَيءُ بالقَولِ عندَ العَجزِ عَنْ الوَطءِ.

الضَّربُ الأولُ: الفَيءُ بالفِعلِ وهو الأصلُ وهو الجِماعُ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ الفَيءَ الوارِدَ في قَولِ اللهِ جلَّ ذِكْرُه: ﴿لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦)[البقرة: ٢٢٦] الآية، هو الجِماعُ إذا لم يَكنْ عُذرٌ، وأمَّا في حَقِّ القادِرِ على الجِماعَ لا يكونُ فَيءٌ إلا بالوَطءِ؛ لأنه هو الأصلُ، وفي الحَقيقةُ هو الرُّجوعُ؛ لأنَّ به يَندفعُ


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>