للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّوعُ الثَّاني: خِيارُ الشَّرطِ:

خِيارُ الشَّرطِ خِيارٌ يثبُتُ بالشَّرطِ؛ لأنَّ سَبَبَه اشتِراطُ العاقِدِ؛ إذْ لَولا الشَّرطُ لَمَا ثبَت الخِيارُ، بخِلافِ خِيارِ العَيبِ والرُّؤيةِ؛ فإنَّما يَثبُتانِ مِنْ غيرِ شَرطٍ.

وخِيارُ الشَّرطِ: هو أنْ يَشتَرِطَ أحَدُ المُتعاقدَيْنِ، أو كُلٌّ منهما أنَّ له الخِيارَ -أي: حَقَّ فَسخِ العَقدِ- في خِلالِ مُدَّةٍ مَعلومةٍ.

ويُقالُ له: خِيارُ تَرَوٍّ، أي: نَظَرٍ وتَأمُّلٍ في إبرامِ البَيعِ وعَدَمِه.

حُكمُ خِيارِ الشَّرطِ:

اتَّفق الفُقهاءُ على جَوازِ خِيارِ الشَّرطِ في البُيوعِ التي لا رِبا فيها، وهو ثابِتٌ بالنَّصِّ على غيرِ القياسِ، والقياسُ ألَّا يَصحَّ؛ لِمَا فيه مِنْ الغَرَرِ، ولِظاهِرِ نَهيِه عن بَيعٍ وشَرطٍ، إلَّا أنَّ النَّصَّ ورَد به، وهو ما رَواه عَبدُ اللَّهِ بنُ عمرَ أنَّ رَجُلًا (١) ذكَر لِلنَّبيِّ أنَّه يُخدَعُ في البُيوعِ، فقالَ : «إذا بايَعتَ فقُلْ: لا خِلابةَ» (٢)، وفي رِوايةٍ: «إذا بايَعتَ فقُلْ: لا خِلابةَ، ثم أنتَ بالخِيارِ في كلِّ سِلعةٍ ابتَعتَها ثَلاثَ لَيالٍ، فإنْ رَضيتَ فأمسِكْ، وإنْ سَخِطتَ فاردُدْ» (٣)، ومَعنَى «لا خِلابةَ»: لا خَديعةَ، أي: لا تَحِلُّ لَكَ خَديعَتي، أو لا يَلزَمُني خَديعَتُكَ.


(١) هُوَ حِبّانُ بنُ مُنْقِذ.
(٢) رواه البخاري (٢١١٧)، ومسلم (١٥٣٣)، وقال المُهلَّبُ: ولا يَدخلُ في الخِداعِ المُحرَّمِ الثَّناءُ على السِّلعةِ والأطنابُ في مَدحِها؛ فإنَّه مُتجاوَزٌ عنه، ولا يُنتقضُ به البَيعُ، «فتح الباري» (١٢/ ٣٣٦).
(٣) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه ابن ماجه (٢٣٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>