للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمَّا الأَنهارُ وما لا يَكونُ مِنْ البِحارِ فإنَّها تَكونُ لُقطةً، وهكذا الياقُوتُ والمُرجانُ، إلا أنْ يَكونَ مَصنوعًا أو مَثقوبًا فيَكونُ لُقطةً، فأمَّا اللُّؤلؤُ فلا يَكونُ في البَحرِ إلا معَ صدَفِه، فإنْ وجِدَ فيه كانَ مِلكًا لواجِدِه، وإنْ وجِدَ خارِجًا عن صدَفِه كانَ لُقطةً (١).

حُكمُ الاتجارِ باللُّقطةِ:

الأَصلُ في اللُّقطةِ كما تقدَّمَ أنَّها أَمانةٌ في يدِ المُلتقِطِ، لا يَجوزُ له أنْ يَتصرفَ فيها في أَثناءِ الحَولِ باتِّفاقِ الفُقهاءِ كالوَديعةِ؛ لأنَّه إذا تصرَّفَ فيها عرَّضَها للخَطرِ والضَّياعِ، فلا يَجوزُ لمَن وجَدَ لُقطةً مِنْ الأَموالِ أنْ يُتاجرَ فيها أَثناءَ حَولِ التَّعريفِ ولا قبلَ إِدخالِها في مِلكِه بعدَ التَّعريفِ.

وقد جاءَ في «المُدوَّنة الكُبرى»: «التِّجارَةُ في اللُّقطةِ والعارِيةِ»

(قلتُ): أرأَيتَ رَجلًا حُرًّا وجَدَ لُقطةً أو مُكاتِبًا أو عَبدًا تاجِرًا أيتَّجرُ بها في السَّنةِ التي يُعرِّفُها في قَولِ مالِكٍ؟ (قالَ): قالَ مالِكٌ في الوَديعةِ: لا يتَّجرُ فيها، فأَرى اللُّقطةَ بمَنزلةِ الوَديعةِ في السَّنةِ التي يُعرِّفُها فيها، أنَّه لا يتَّجرُ بها ولا بعدَ السَّنةِ أيضًا؛ لأنَّ مالِكًا قالَ: إذا مضَت السَّنةُ لَم آمُرْه بأَكلِها (٢).

وعليه إذا اتَّجرَ في اللُّقطةِ خِلالَ حَولِ التَّعريفِ فإنَّها تَدخُلُ في ضَمانِه، فإذا حصَلَ أيُّ خُسرانٍ لها أو تَلفٍ ولو بلا تَعدٍّ مِنه ضمِنَها؛ لأنَّه باستِعمالِها فقد حصَلَ التَّعدي فيَضمَنُها.


(١) «الحاوي الكبير» (٨/ ٢٧)، ويُنْظَر: «النجم الوهاج» (٦/ ٢٢)، و «الفتاوى الفقهية الكبرى» (٣/ ٣٧٤).
(٢) «المدونة الكبرى» (١٥/ ١٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>