اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّ تَسميةَ الصَّداقِ في عَقدِ النكاح مُستحبٌّ وليسَ بواجبٍ، وأنَّ النكاحَ إذا عُقِدَ ولم يُسمَّ فيه صَداقٌ ولم يُتواطَأْ على إخلاءِ النكاحِ منه أنَّ النكاحَ صحيحٌ.
أمَّا دليلُ استحبابِ تَسميةِ الصداقِ في عَقدِ النكاحِ فلِأنَّ النبيَّ ﷺ كانَ يُزوِّجُ بناتِه وغيرَهنَّ ويتزوَّجُ فلم يَكنْ يُخلِي ذلكَ مِنْ صَداقٍ، وقالَ للذي زوَّجَه المَوهوبةَ:«اذهَبْ فالْتَمسْ ولو خاتَمًا مِنْ حَديدٍ، فذهَبَ ثمَّ رجَعَ، قالَ: لا واللهِ ولا خاتَمًا مِنْ حَديدٍ»(١)، فزوَّجَه إياها بما معه مِنْ القُرآنِ، ولأنَّه أَقْطَعُ للنزاعِ وللخِلافِ فيه.
وأما كونُ ذِكرِ الصَّداقِ ليسَ شَرطًا في النكاحِ فلِقولِ اللهِ تعالى: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ [البقرة: ٢٣٦]، فأثبَتَ الطَّلاقَ مِنْ غيرِ فَرضٍ، والطلاقُ لا يَقعُ إلا في نكاحٍ صَحيحٍ؛ لأنَّ اللهَ ﷾ رفَعَ الجُناحَ عمَّن طلَّق في نكاحٍ لا تَسميةَ فيه، والطلاقُ لا يكونُ إلا بعدَ النكاحِ، فدَلَّ على جوازِ النكاحِ بلا تسميةٍ.
وقولُه تعالَى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٤٩]، والمُرادُ منه الطلاقُ في نكاحٍ لا تَسميةَ فيه، بدَليلِ أنه أَوجَبَ المُتعةَ بقولِه: ﴿فَمَتِّعُوهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٤٩]، والمتعةُ إنما تَجبُ في نكاحٍ لا تَسميةَ فيه، فدَلَّ على جوازِ النكاحِ مِنْ غيرِ تسميةٍ.