للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكَرَ ابنُ عبدِ الحَكَمِ عن مالِكٍ أنَّ الصَّلاةَ على الجنازةِ جائِزةٌ في ساعاتِ اللَّيلِ والنَّهارِ عندَ طُلوعِ الشَّمسِ وعندَ غُروبِها في كلِّ وَقتٍ، كما قالَ الشافِعيُّ (١).

مَنْ يُصلَّى عليه ومَن لا يُصلَّى عليه:

أ- الشَّهيدُ:

اختَلفَ العُلماءُ في حُكمِ الصَّلاةِ على الشَّهيدِ:

فذهَبَ الإمامُ مالِكٌ والشافِعيُّ وأحمدُ في المَشهورِ عنه إلى أنَّه لا يُصلَّى على الشَّهيدِ المَقتولِ في المَعركةِ؛ لِما رَوى جابِرُ بنُ عبدِ اللهِ «أنَّ رَسولَ اللَّهِ كانَ يَجمَعُ بينَ الرَّجلَينِ مِنْ قَتلَى أُحدٍ في ثَوبٍ واحِدٍ، ثُم يَقولُ: أَيُّهم أَكثَرُ أَخذًا لِلقُرآنِ؟ فإذا أُشِيرَ له إلى أَحدٍ قدَّمَه في اللَّحدِ، وقالَ: أنا شَهِيدٌ على هَؤلاءِ يَومَ القِيامَةِ، وأمَرَ بِدَفنِهم بدِمَائهِم، ولَم يُصلِّ عليهم، ولَم يُغسَّلُوا» (٢).

ولأنَّ الصَّلاةَ على الميِّتِ شَفاعةٌ له، ودُعاءٌ لتَمحيصِ ذُنوبِه، والشَّهيدُ قد تَطهَّرَ بصِفةِ الشَّهادةِ مِنْ دَنسِ الذُّنوبِ فاستَغنى عن ذلك، كما استَغنى عن الغُسْلِ، ولأنَّ اللهَ وصَفَ الشُّهداءَ بأنَّهم أَحياءٌ في كِتابِه، والصَّلاةُ على الميِّتِ لا على الحَيِّ (٣).


(١) «الاستذكار» (٣/ ٤٣، ٤٤)، و «بداية المجتهد» (١/ ٣٣٥).
(٢) حَديثٌ صَحيحٌ: تقدم.
(٣) «الذخيرة» (٢/ ٢٩٧)، و «المجموع» (٦/ ٣٥٨)، و «المغني» (٣/ ٢٩٦)، و «شرح ابن بطال» (٣/ ٣٣٠)، و «فتح الباري» (٣/ ٢٠٩، ٢١٠)، و «بداية المجتهد» و «الإفصاح» (١/ ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>