للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَدعو إلى المُعامَلةِ في ذلك، كَدُعائِها إلى المُعامَلةِ في غَيرِه؛ فيُقاسُ عليه، وكذلك الحُكمُ في المُزارَعةِ (١).

المُساقاةُ على ثَمرٍ مَوجودٍ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على عَدَمِ صِحَّةِ جَوازِ المُساقاةِ على الثَّمرةِ المَوجودةِ إذا بَدا صَلاحُها، ولَم تَزِدْ بالعَملِ؛ لِكَونِ العَملِ لا يَزيدُ فيه، ولأنَّه يَصحُّ بَيعُه حينئذٍ؛ فلا ضَرورةَ تَدعو إلى مُساقاةِ ذلك. ولأنَّ العامِلَ إنَّما يَستَحقُّ بالعَملِ الأجْرَ، ولا أثَرَ لِلعَملِ بعدَ التَّناهي والإدراكِ؛ ولأنَّه إجارةٌ بأجْرٍ مَجهولٍ، وإنَّما جُوِّزَ بالمُعامَلةِ على خِلافِ القياسِ لفِعلِه، وهذا لَيسَ في مَعناه.

ثم اختَلفَ الفُقهاءُ في الثَّمرةِ المَوجودةِ التي لَم يَبْدُ صَلاحُها وتَزيدُ بالعَملِ، هَلْ تَصحُّ المُساقاةُ عليها أو لا؟ على قوليْنِ:

فذهبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ -أي: على المُفتَى به، وهو قولُ أبي يُوسفَ ومُحمَّدٍ- والمالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ في الأظهَرِ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه تَصحُّ المُساقاةُ على ثَمرٍ بعدَ ظُهورِه إذا لَم يَبْدُ صَلاحُه إذا كانَتِ الثَّمرةُ تَزيدُ بالعَملِ، كَما قبلَ ظُهورِها، ولأنَّه أبعَدُ عن الغَرَرِ؛ لِلوُثوقِ بالثَّمرِ؛ فهو أَوْلَى بالجَوازِ، وكَذا على زَرعٍ نابِتٍ يُنَمَّى بالعَملِ، كَما نَصَّ على ذلك الحَنفيَّةُ والحَنابِلةُ.


(١) «المغني» (٥/ ٢٣١)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٣١٥)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٤٤٢)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٥٣٦)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ٢٢٧، ٢٢٨)، و «البهجة في شرح التحفة» (٢/ ٣١٥)، و «حاشية الصاوي» (٨/ ٤٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>