للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ : لو كانَ للمَيتِ أَقاربُ لا يَرِثونَ كانَت الوَصيةُ لهم أَولى من الوَصيةِ بالعِتقِ وما أعلَمُ في هذا خِلافًا (١).

وقالَ أيضًا: ولهذا يُؤمرُ بأنْ يُوصيَ لأَقاربِه الذين لا يَرِثونَ، إمَّا أمْرَ إِيجابٍ على قَولِ بعضِ العُلماءِ وإمَّا أمْرَ استِحبابٍ كقَولِ الأَكثَرينَ، وهُما رِوايتانِ عن أَحمدَ، واللهُ أعلَمُ (٢).

المَسألةُ الثانيةُ: هل تَجبُ الوَصيةُ للأَقرَبينَ غيرِ الوارِثينَ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ الوَصيةِ للأَقرَبينَ غيرِ الوارِثينَ هل تَجبُ أو لا؟ بعدَ اتِّفاقِهم على أنَّ الوَصيةَ لهم أَولى من غيرِهم، وعلى استِحبابِها لهم على ما تقدَّمَ.

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ في أحدِ القَولَينِ إلى أنَّها مُستحبةٌ ولا تَجبُ، سَواءٌ للأَقرَبينَ غيرِ الوارِثينَ أو الأجنَبيِّينَ، وعلى أنَّ الوَصيةَ لغيرِ الأَقرَبينَ جائِزةٌ ولا تُردُّ.

قالَ الإِمامُ الشافِعيُّ : وكانَ فَرضًا في كِتابِ اللهِ تَعالى على مَنْ ترَكَ خَيرًا -والخَيرُ المالُ- أنْ يُوصيَ لوالِدَيه وأَقرَبيه، ثم زعَمَ بعضُ أهلِ العِلمِ بالقُرآنِ أنَّ الوَصيةَ للوالِدَينِ والأَقرَبينَ الوارِثينَ مَنسوخةٌ.

واختلَفوا في الأقرَبينَ غيرِ الوارِثينَ فأكثَرُ مَنْ لَقيتُ من أهلِ العِلمِ ممَّن


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٩/ ١٧٧).
(٢) «مجموع الفتاوى» (٣١/ ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>