الإِنسانَ ليسَ له أنْ يَبذلَ مالَه إلا فيما فيه مَنفعةٌ في الدِّينِ أو الدُّنيا، فما دامَ الرَّجلُ حَيًّا فله أنْ يَبذُلَ مالَه في تَحصيلِ الأَعراضِ المُباحةِ؛ لأنَّه يَنتفعُ بذلك، فأمَّا المَيتُ فما بَقيَ له بعدَ المَوتِ ما يَنتفعُ به من أَعمالِ الأَحياءِ إلا عَملٌ صالِحٌ قد أمَرَ به أو أَعانَ عليه أو قد أَهدَى إليه، ونَحوِ ذلك، فأمَّا الأَعمالُ التي ليسَت طاعةً للهِ ﷾ ورَسولِه ﷺ فلا يَنتفعُ بها المَيتُ بحالٍ.
فإذا اشتَرطَ المُوصي أو الواقِفُ عَملًا أو صِفةً لا ثَوابَ فيها كانَ السَّعيُ فيها بتَحصيلِها سَعيًا فيما لا يَنتفعُ به في دُنياه وآخِرتِه، ومِثلُ هذا لا يَجوزُ، وهو إنَّما مَقصودُه بالوَقفِ التَّقربُ إلى اللهِ تَعالى، والشارِعُ أعلَمُ من الواقِفينَ بما يُتقرَّبُ به إلى اللهِ تَعالى، فالواجِبُ أنْ يُعملَ في شُروطِهم بما شرَطَه اللهُ ﷾ ورضِيَه في شُروطِهم (١).
الشَّرطُ الثالِثُ: أنْ يَكونَ المُوصَى به مالاً مُتقوَّمًا في عُرفِ الشَّرعِ:
اشتَرطَ الفُقهاءُ في المُوصَى به أنْ يَكونَ مالًا مُتقوَّمًا في عُرفِ الشَّرعِ، فلا تَصحُّ الوَصيةُ بدَمٍ ولا بخَمرٍ ولا خِنزيرٍ في حَقِّ المُسلمِ اتِّفاقًا.
إلا أنَّ العُلماءَ لهم تَفصيلٌ في هذا الشَّرطِ وبَيانُه فيما يَلي:
أ- الوَصيةُ بالدَّمِ:
اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّه لا تَصحُّ الوَصيةُ بالدَّمِ من أحدٍ ولأحدٍ؛ لأنَّه ليسَ