للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩ - الجُلوسُ لِلتشهُّدِ الأخيرِ:

اتَّفق الفُقهاءُ على أنَّ الجَلسةَ في آخرِ الصَّلاةِ فَرضٌ مِنْ فُروضِ الصَّلاةِ.

ثم اختَلَفوا في مِقدارِها، فقالَ أبو حَنيفَةَ والشافِعيُّ وأحمدُ: الجُلوسُ بقَدرِ التشهُّدِ فَرضٌ، فلوِ انصَرفَ قبلَ أن يَجلِسَ هذا القَدرَ فَسَدَت صَلاتُه.

والتَّحقيقُ مِنْ مَذهبِ الإمامِ مالِكٍ : أنَّ الجُلوسَ بمِقدارِ إيقاعِ السَّلامِ فيها هو الفَرضُ عندَه، وما عَداه مَسنونٌ، وعليه فلو رفعَ رَأسَه مِنْ السُّجودِ واعتَدلَ جالسًا وسلَّم، كان ذلك الجُلوسُ هو الواجِبَ، وفاتَته السُّنةُ، ولو جلسَ ثم تَشهَّدَ ثم سلَّم كانَ آتِيًا بالفَرضِ والسُّنةِ، ولو جلسَ وتَشهَّدَ ثم استَقَلَّ قائِمًا وسلَّم كانَ آتِيًا بالسُّنةِ، تاركًا لِلفَرضِ، فتبطُلَ صَلاتُه بالاتِّفاقِ (١).

قالَ ابنُ عَبد البرِّ في التَّمهيدِ: والجُلوسُ بينَ السَّجدتَينِ فَرضٌ لا خِلافَ فيه، وكذلك الجَلسةُ الأخيرةُ عندَ جُمهورِ العُلماءِ فَرضٌ أيضًا، وما أعلَمُ أحَدًا خالَفَ فيها إلا بَعضُ البَصريِّينَ بحَديثٍ ضَعيفٍ انفَرَد به مَنْ لا حُجَّةَ في نَقلِه، فكيف بانفِرادِه (٢).


(١) «معاني الآثار» (١/ ٣٦٦)، و «شرح معاني الآثار» (١/ ٤٤٠)، و «مختصر القدوري» (٢٧)، و «بُلغة السالك» (١/ ٢١٠، ٢١٣)، و «المجموع» (٣/ ٤٢٥)، و «كفاية الأخيار» (١٥٢)، و «المغني» (٢/ ٩٣)، و «الإفصاح» (١/ ١٧٢، ١٧٣)، و «منار السبيل» (١/ ١٠٥).
(٢) «التَّمهيد» (١٠/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>