للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ أَبو حَنيفةَ: لا تَصحُّ لأهلِ الحَربِ؛ فدَليلُنا قَولُ اللهِ تَعالى: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾ [النساء: ١١]، ولأنَّ كلَّ مَنْ جازَت عَطيتُه في الحَياةِ جازَت بعدَ الوَفاةِ كالذِّميِّ، ولأنَّ كلَّ مَنْ صَحَّ تَمليكُه بغيرِ الوَصيةِ صَحَّ أنْ يَملكَ بالوَصيةِ كالمُعاهَدِ والمُستأمَنِ، ولأنَّ اختِلافَ الأَديانِ أو الدارِ لا يُؤثِّرُ في التَّمليكِ بالوَصيةِ، أَصلُه وَصيةُ الذِّميِّ للمُسلمِ (١).

هـ - الوَصيةُ بالمُصحفِ وبكُتبِ العِلمِ الشَّرعيِّ للكافرِ:

نَصَّ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ على عَدمِ صِحةِ الوَصيةِ بالمُصحفِ للكافرِ.

قالَ الإِمامُ الشافِعيُّ : إذا أَوصَى المُسلمُ للنَّصرانيِّ بمُصحفٍ أو دَفتَرٍ فيه أَحاديثُ رَسولِ اللهِ أَبطَلتُ الوَصيةَ، ولو أَوصَى بها النَّصرانيُّ لمُسلمٍ لم أُبطِلْها (٢).

وقالَ الشَّيخُ عُليشٌ المالِكيُّ: ولا تَصحُّ الوَصيةُ لكافرٍ بمُصحفٍ ورَقيقٍ مُسلمٍ (٣).

وقالَ الحَنابِلةُ: لا تَصحُّ الوَصيةُ لكافرٍ بمُصحفٍ ولا بعَبدٍ مُسلمٍ؛ لأنَّه لا يَجوزُ هِبتُهما له ولا بَيعُهما منه؛ لأنَّه لا يَصحُّ تَمليكُه ذلك (٤).


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٥/ ١٧٥، ١٧٦)، رقم (١٩٢٩)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٤٣٨، ٤٣٩).
(٢) «الأم» (٤/ ٢١٣).
(٣) «منح الجليل» (٦/ ٥٠٥).
(٤) «المغني» (٦/ ١٢٢)، و «الإنصاف» (٧/ ٢٢٢)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>