وغيرُه: وليسَ تَجويزُ مَنْ جوَّزَ النَّضحَ في الصَّبيِّ من أجلِ أنَّ بَولَه ليسَ بنَجسٍ، ولكنَّه من أجلِ التَّخفيفِ في إِزالتِه، فهذا هو الصَّوابُ، وأمَّا ما حَكاه أبو الحَسنِ بنُ بَطَّالٍ ثم القاضِي عِياضٌ عن الشافِعيِّ وغيرِه أنَّهم قالوا: بَولُ الصَّبيِّ طاهِرٌ فيُنضحُ، فحِكايةٌ باطِلةٌ قَطعًا.
وأمَّا حَقيقةُ النَّضحِ هنا فقد اختَلفَ أَصحابُنا فيها فذهَبَ الشَّيخُ أبو مُحمدٍ الجُوينيُّ والقاضِي حُسينٌ والبَغويُّ إلى أنَّ مَعناه أنَّ الشَّيءَ الذى أصابَه البَولُ يُغمرُ بالماءِ كسائِرِ النَّجاساتِ بحيث لو عُصرَ لا يُعصرُ، قالوا: وإنَّما يُخالِفُ هذا غيرَه في أنَّ غيرَه يَشترطُ عَصرَه على أحدِ الوَجهَينِ، وهذا لا يُشترطُ بالاتِّفاقِ، وذهَبَ إمامُ الحَرمَين والمُحقِّقون إلى أنَّ النَّضحَ أنْ يَغمرَ ويُكاثرَ بالماءِ مُكاثرةً لا يَبلغُ جَريانَ الماءِ وتَردُّدهَ وتَقاطُرَه بخِلافِ المُكاثرةِ في غيرِه، فإنَّه يُشترطُ فيها أنْ يَكونَ بحيث يَجري بعضُ الماءِ ويَتقاطَرُ من المَحلِّ وإنْ لم يُشترطْ عَصرُه، وهذا هو الصَّحيحُ المُختارُ، ويَدلُّ عليه قَولُها: فنضَحَه ولم يَغسِلْه، وقَولُه: فرَشَّه، أي: نضَحَه، واللهُ ﷾ أعلَمُ.
ثم إنَّ النَّضحَ إنَّما يَجزي ما دامَ الصَّبيُّ يَقتصرُ به على الرَّضاعِ، أمَّا إذا أكَلَ الطَّعامَ على جِهةِ التَّغذيةِ فإنَّه يَجبُ الغَسلُ بلا خِلافٍ واللهُ ﷾ أعلَمُ (١).
٢ - المَذيُ والوَديُ:
المَذيُ: هو ماءٌ أبيَضُ رَقيقٌ لَزِجٌ يَخرجُ عندَ شَهوةٍ لا بشَهوةٍ ولا دَفقٍ،