للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتَحريرُ علَّةِ أصحابِنا أنْ نقولَ: لأنَّ تَحريمَ الزَّوجيَّةِ مَعنًى يَتعلَّقُ به حَقُّ اللهِ تعالَى على التَّجريدِ، ليسَ للَفظِه تأثيرٌ في وُقوعِ البَينُونةِ، فأشبَه اعتِقادَ الكُفرِ (١).

صريحُ الطَّلاقِ لا يَحتاجُ إلى نيَّةٍ عِنْدَ عامَّةِ الفُقهاءِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربعةِ على أنَّ اللَّفظَ الصَّريحَ -وهو اللَّفظُ الَّذي لا يُستعمَلُ إلَّا في حَلِّ قَيدِ النِّكاحِ- لا يَحتاجُ لوُقوعِه نيَّةً، فيَقعُ بهِ الطَّلاقُ مِنْ غَيرِ نيَّةٍ؛ إذ النِّيةُ عمَلُها في تَعيينِ المُبهَمِ، ولا إبهامَ فيهَ، وقالَ اللهُ تعالَى: ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾، شرَعَ الطَّلاقَ مِنْ غيرِ شرطِ النِّيةِ، وقالَ : ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾ مُطلقًا، وقالَ : ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾، حكَمَ بزَوالِ الحِلِّ مُطلقًا عَنْ شَرطِ النِّيةِ.

ولأنَّ عبدَ اللهِ بنَ عُمرَ لمَّا طلَّقَ امرَأتُه في حالِ الحَيضِ أمَرَهُ رَسولُ اللهُ أنْ يُراجِعَها ولَم يَسألْه هل نَوَى الطَّلاقَ أم لم يَنوِ، ولو كانَتِ النِّيةُ شرَطًا لَسألَهُ، ولا مُراجَعةَ إلَّا بعْدَ وُقوعِ الطَّلاقِ، فدَلَّ على وُقوعِ الطَّلاقِ مِنْ غَيرِ نيَّةٍ.

ولأنَّ ما يُعتبَرُ لهُ القَولُ يُكتفَى فيه بهِ مِنْ غَيرِ نيَّةِ إذا كانَ صَريحًا فيهِ كالبيعِ.


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٤٢٥، ٤٢٦) رقم (١٢٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>