للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هل يُعتبَرُ لِزَوالِ الحَجْرِ عن الصَّبيِّ إذا بَلَغَ حُكمُ الحاكِمِ أو لا؟

اختَلَف الفُقهاءُ في الصَّبيِّ إذا بَلَغ رَشيدًا، هل يَنفَكُّ عنه الحَجْرُ؟ أم لا بُدَّ مِنْ حُكمِ الحاكِمِ؟

فقال المالِكيَّةُ وبَعضُ الشافِعيَّةِ: لا يَزولُ إلا بحاكِمٍ؛ لأنَّه مَوضِعُ اجتِهادٍ ونَظَرٍ، فإنَّه يَحتاجُ في مَعرِفةِ البُلوغِ والرُّشدِ إلى اجتِهادٍ، فيُوقَفُ ذلك على حُكمِ الحاكِمِ، كزَوالِ الحَجْرِ عن السَّفيهِ.

وقال الشافِعيَّةُ في المَذهبِ والحَنابِلةُ: لا يُعتَبَرُ في زَوالِ الحَجْرِ عن الصَّبيِّ إذا بَلَغ رَشيدًا حُكمُ حاكِمٍ؛ لأنَّ اللهَ أمَرَ بدَفعِ أموالِهم عندَ البُلوغِ وإيناسِ الرُّشدِ، فاشتِراطُ حُكمِ الحاكِمِ زيادةٌ تَمنَعُ الدَّفعَ عندَ وُجوبِ ذلك بدونِ حُكمِ الحاكِمِ وهذا خِلافُ النَّصِّ؛ ولأنَّه حَجْرٌ بغَيرِ حُكمِ حاكِمٍ يَزولُ بغَيرِ حُكمِه، كالحَجْرِ على المَجنونِ، وبهذا فارَقَ السَّفيهَ (١).

إذا بَلَغ الصَّبيُّ غيرَ رَشيدٍ لَم يُسلَّمْ مالُه إليه:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ الصَّبيَّ إذا بَلَغَ غيرَ رَشيدٍ -على الخِلافِ السابِقِ في تَعريفِ الرُّشدِ- لا يُدفَعُ إليه مالُه، ويَدومُ الحَجْرُ عليه؛ لِمَفهومِ قَولِ اللهِ : ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ﴾ [النساء: ٦].


(١) «مغني المحتاج» (٣/ ١١٥)، و «نهاية المحتاج» (٤/ ٤١٩)، و «النجم الوهاج» (٤/ ٤١٠)، و «المغني» (٤/ ٢٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>