للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ المِرداويُّ : الذَّهبُ والفِضَّةُ داخِلانِ على الرِّواياتِ كُلِّها، فيَحرُمُ التَّفاضُلُ فيهما مُطلَقًا على الصَّحيحِ مِنْ المَذهبِ، وعليه الأصحابُ، إلَّا أنَّ الشَّيخَ تَقِيَّ الدِّينِ جَوَّزَ بَيعَ المَصوغِ المُباحِ بقِيمَتِه حالًّا، قُلتُ: وعَمَلُ النَّاسِ عليه، وكذا جَوَّزَه نَساءً ما لَم يُقصَدْ كَونُها ثَمَنًا، قالَ: وإنَّما خرَج عنِ القُربِ بالصَّنعةِ فليسَ برِبَويٍّ (١).

مِقياسُ الأموالِ الرِّبَويةِ (الكَيلِ والوَزنِ):

نَصَّ عامَّةُ الفُقهاءِ مِنْ المَذاهبِ الأربَعةِ الحَنفيَّةِ -ما عَدا أبا يُوسفَ- والمالِكيَّةِ والشافِعيَّةِ والحَنابِلةِ على أنَّه تُعتبَرُ المُماثَلةُ بمِعيارِ الشَّرعِ مِنْ كَيلٍ أو وَزنٍ، فكلُّ شَيءٍ نصَّ رَسولُ اللَّهِ على تَحريمِ التَّفاضُلِ فيه كَيلًا فهو مَكِيلٌ أبَدًا، وإنْ ترَك النَّاسُ الكَيلَ فيه، كالحِنطةِ والشَّعيرِ والتَّمرِ والمِلحِ؛ لأنَّ النَّصَّ أقوَى مِنْ العُرفِ، والأقوَى لا يُترَكُ بالأدْنَى، فعلى هذا إذا باعَ الحِنطةَ بجِنسِها مُتَساويةً وَزنًا، أو الفِضَّةَ بجِنسِها مُتماثِلًا كَيلًا لا يَجوزُ، وإنْ تَعارَفوا ذلك؛ لِتَوهُّمِ الفَضلِ على ما هو المِعيارُ فيه، كما إذا باعَه مُجازَفةً.

وكُلُّ ما نصَّ على تَحريمِ التَّفاضُلِ فيه وَزنًا فهو مَوزونٌ أبَدًا، وإنْ ترَك النَّاسُ الوَزنَ فيه، مثلَ الذَّهبِ والفِضَّةِ؛ لأنَّ النَّصَّ أقوَى مِنْ العُرفِ، والأقوَى لا يُترَكُ بالأدْنَى، حتى لو باعَ الفِضَّةَ والذَّهبَ بمثلَيْهما كَيلًا لا يَجوزُ.

لقولِه : «الذَّهبُ بالذَّهبِ وَزنًا بوَزنٍ، والفِضَّةُ بالفِضَّةِ وَزنًا


(١) «الإنصاف» (٥/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>