للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حَقِّ الصَّغيرِ، فلا يَدخلُ تحتَ وِلايةِ الوَليِّ لقَولِه : «لا ضَررَ ولا ضِرارَ في الإِسلامِ»، وقَولِه : «مَنْ لا يَرحمْ صَغيرَنا فليسَ مِنَّا»، ولهذا لم يَملكْ طَلاقَ امرَأتِه وإِعتاقَ عَبدِه وسائِرَ التَّصرفاتِ الضارةِ المَحضةِ.

الحالةُ الثانيةُ: أنْ تَكونَ الهِبةُ بثَوابٍ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما إذا شرَطَ الأبُ العِوضَ وكانَت هِبةَ ثَوابٍ، هل يَجوزُ للأبِ أو الوَصيِّ أنْ يَهبَ من مالِ الصَّغيرِ بشَرطِ العِوضِ أو لا؟

فذهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ وأبو يُوسفَ والمالِكيةُ والشافِعيةُ إلى أنَّه لا يَجوزُ للأبِ أنْ يَهبَ من مالِ ابنِه الصَّغيرِ ولو كانَ بعِوضٍ؛ لأنَّه مَحجورٌ عليه في المالِ لحَقِّ نَفسِه، ولأنَّ كلَّ مَنْ لا يَملكُ التَّبرعَ لا يَملكُ الهِبةَ لا بعِوضٍ ولا بغيرِ عِوضٍ، ولأنَّ الهِبةَ بشَرطِ العِوضِ تَقعُ تَبرعًا ابتِداءً ثم تَصيرُ بَيعًا في الانتِهاءِ، بدَليلِ أنَّها تُفيدُ المِلكَ قبلَ القَبضِ، ولو وقَعَت بَيعًا من حينِ وُجودِها لَمَا توقَّفَ المِلكُ فيه على القَبضِ؛ لأنَّ البَيعَ يُفيدُ الملِكَ بنَفسِه، دَلَّ على أنَّها وقَعَت تَبرعًا ابتِداءً، وهؤلاء لا يَملِكونَ التَّبرعَ فلم تَصحَّ الهِبةُ حين وُجودِها، فلا يُتصورُ أنْ تَصيرَ بَيعًا بعدَ ذلك (١).


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ١١٨، ١١٩)، و «البحر الرائق» (٧/ ٢٩٥)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٥٢١)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٣٠)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ١٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>