للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إثباتُ وِلايةِ التَصرُّفِ فيما هو ثابِتٌ لِلمُوكِّلِ، وليسَ بثابِتٍ لِلوَكيلِ، وهذا المعنَى لا يَتحقَّقُ فيمَن يَملِكُ بدُونِ أمْرِه؛ لِئَلَّا يَلزَمَ إثباتُ الثَّابِتَ؛ لأنَّ المُوكِّلَ لَم يَملِكْه، فلا يَملِكُ إقامةَ غيرِه مَقامَه، ولأنَّ المُباحَ لمَن أخَذَه فلا يُمكِنُ إيقاعُ الحُكمِ فيه لِغيرِه (١).

التَّوكيلُ في الحَجِّ والعُمرةِ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّه لا يَجوزُ التَّوكيلُ في الحَجِّ مِنْ الإنسانِ القادِرِ على الحَجِّ بنَفْسِه، واختَلَفوا في العاجِزِ عن الأداءِ بنَفْسِه هَلْ له أنْ يُوكِّلَ أو يَستَنيبَ مَنْ يَحُجُّ عنه أو لا؟

فَذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والشَّافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه يَصحُّ لِلإنسانِ العاجِزِ عن الحَجِّ بنَفْسِه أنْ يُوكِّلَ مَنْ يَحُجُّ عنه، واستَدَلُّوا على ذلك بما يَلي:

حَديثِ ابنِ عَبَّاسٍ أنَّه قالَ: «جاءَتِ امرَأةٌ مِنْ خَثعَمٍ عامَ حَجَّةِ الوَداعِ قالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ فَريضةَ اللَّهِ على عِبادِه في الحَجِّ أدرَكَتْ أبي شَيخًا كَبيرًا لا يَستَطيعُ أنْ يَستَويَ على الرَّاحِلةِ، فهَل يَقضي عنه أنْ أحُجَّ عَنهُ؟ قالَ: نَعم، وذلك في حَجَّةِ الوَداعِ» (٢).

وفي لَفظٍ لِمُسلِمٍ: قالَتْ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ أبي شَيخٌ كَبيرٌ، عليه فَريضةُ


(١) «العناية» (٨/ ٣٠٦)، و «المبسوط» (١١/ ٢١٦)، و «تبيين الحقائق» (٣/ ٣٢٣)، و «ابن عابدين» (٧/ ٢٩٦).
(٢) رواه البخاري (١٧٥٦)، ومسلم (١٣٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>