للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن خُبَيبِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ خُبَيبٍ عن أبيه عن جَدِّه قالَ: «أتَيتُ رَسولَ اللهِ وهو يُريدُ غَزوًا أنا ورَجلٌ من قَومي ولم نُسلِم، فقُلنا: إنَّا نَستَحْيِي أنْ يَشهَدَ قَومُنا مَشهَدًا لم نَشهَدْه معهم، قالَ: أوَأسلَمتُما؟ قُلنا: لا، قالَ: فإنَّا لا نَستَعينُ بالمُشرِكينَ على المُشرِكينَ» (١).

ففي هذه الأدِلةِ دِلالةٌ على أنَّه لا يَجوزُ الاستِعانةُ بكافرٍ؛ ولأنَّ ما يُخافُ من الضَّررِ بحُضورِه أكثَرُ ممَّا يُرجى من المَنفَعةِ، وهو لا يُؤمَنُ مَكرُه وغائِلتُه لخُبثِ طَويَّتِه، والحَربُ تَقتَضي المُناصَحةَ، والكافِرُ ليسَ مِنْ أهلِها.

الجَمعُ بينَ الأحاديثِ المُتعارِضةِ:

وقد جُمِع بينَ الأحاديثِ المُتعارِضةِ بأوجُهٍ، منها:

١ - ما ذكَرَه البَيهَقيُّ عن نَصِّ الشافِعيِّ أنَّ النَّبيَّ تَفرَّسَ الرَّغبةَ في الذين رَدَّهم فرَدَّهم رَجاءَ أنْ يُسلِموا، فصدَّقَ اللهُ ظَنَّه، وفيه نَظَرٌ؛ لأنَّ قَولَه: «لا نَستَعينُ بمُشرِكٍ»، نَكِرةٌ في سياقِ النَّفيِ تُفيدُ العُمومَ.

٢ - ومنها: أنَّ الأمرَ في ذلك إلى رأيِ الإمامِ، وفيه النَّظرُ المَذكورُ بعَينِه.

٣ - ومنها: أنَّ الاستِعانةَ كانَت مَمنوعةً ثم رُخِّصَ فيها، قالَ الحافِظُ في التَّلخيصِ: وهذا أقرَبُها وعليه نَصُّ الشافِعيِّ (٢).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه ابن أبي شيبة (٣٣١٥٩)، وأحمد (١٥٨٠١)، والطحاوي في «شرح مشكل الآثار» (٦/ ٤١٣)، والطبراني في «الكبير» (٤١٩٤)، والحاكم في «المستدرك» (٢٥٦٣)، والبيهقي في «الكبرى» (١٧٦٥٧).
(٢) انظر: «تلخيص الحبير» (٤/ ١٠٠، ١٠١)، و «نيل الأوطار» (٨/ ٤٤)، و «الروضة الندية» (٣/ ٤٤١، ٤٤٣)، و «المدونة الكبرى» (٣/ ٤٠)، و «الخرشي» (٣/ ١٤)، و «الأوسط» (١١/ ١٧٥)، و «شرح مشكل الآثار» (٦/ ٤٠٧)، و «شرح فتح القدير» (٥/ ٥٠٢)، و «المبسوط» (١٠/ ٢٣)، و «مختصر اختلاف العلماء» (٣/ ٤٢٨، ٤٢٩)، و «تفسير القرطبي» (٨/ ٩٩، ١٠٠)، و «المغني» (٩/ ٢٠٧)، و «سبل السلام» (٤/ ٤٩)، و «جواهر العقود» (١/ ٣٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>