وهو قَولُ الحَسنِ بنِ يحيي والأَوزاعيِّ وآخرُ قَولي الشافِعيِّ، وقد رُويَ عن الأَوزاعيِّ أنَّه يَقضيهما إلا أنْ يَنويَ ألَّا يَقضيَهما ولا يَصومَهما.
واختلفَ قَولُ مالكٍ في ذلك على ثَلاثةِ أَوجهٍ:
أَحدُها: أنَّه يَقضيهما. والآخرُ: أنَّه يقضيهما إلا أن يَكون نوى أن لا يقضيهما.
والثالثُ: أنَّه لا يَقضيهما إلا أنْ يَكونَ نَوى أنْ يَصومَهما رَوى الرِّوايةَ الأولى عنه ابنُ وهبٍ، والرِّوايتَينِ الأُخريَينِ ابنُ القاسمِ، قالَ ابنُ وَهبٍ: قالَ مالكٌ فيمَن نذَرَ أنْ يَصومَ ذا الحِجةِ فإنَّه يُفطرُ يَومَ النَّحرِ ويَومينِ بَعدَه ويَقضي، وأما آخرُ أَيامِ التَّشريقِ فإنَّه يَصومُه. ورَوى ابنُ القاسمِ عن مالكٍ فيمَن نذَرَ صيامَ سَنةٍ بعَينِها أنَّه يُفطِرُ يَومَ الفِطرِ وأَيامَ النَّحرِ ولا قَضاءَ عليه إلا أنْ يَكونَ نَوى أنْ يَصومَها، قالَ: ثُم سُئلَ بعدَ ذلك عمَّن أوجَبَ صيامَ ذي الحِجةِ، فقالَ: يَقضي أَيامَ الذَّبحِ إلا أنْ يَكونَ نَوى ألَّا قَضاءَ لها، قالَ ابنُ القاسم: قولُه الأَولُ أَحبُّ إِليَّ ألَّا قَضاءَ عليه إلا أنْ يَنويَ أنْ يَقضيَه» (١).
هل يَجبُ على مَنْ نذَرَ مَعصيةٍ أنْ يُكفِّرَ كَفارةَ يَمينٍ؟
اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ مَنْ نذَرَ نَذرَ مَعصيةٍ هل يَجبُ عليه كَفارةُ يَمينٌ أم لا يَجبُ عليه بعدَ اتفاقِهم على أنَّه لا يَحلُ له فَعلُه؟
فذهَبَ الحَنفيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يَلزمُه كَفارةٌ يَمينٍ إذا
(١) «التمهيد» (١٣/ ٢٦، ٢٧)، و «الاستذكار» (٣/ ٣٣٢)، وينظر: «بدائع الصنائع» (٥/ ٨٢)، و «منار السبيل» (٣/ ٤٤١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute