للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا أَوصَى لوارِثٍ وقالَ: «إنْ أَجازَها الوَرثةُ وإلا فهي لفُلانٍ»:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الرَّجلِ يُوصي لبَعضِ وَرثتِه بمالٍ ويَقولُ في وَصيتِه: «إنْ أَجازَها الوَرثةُ فهي له، وإنْ لم يُجيزوه فهو في سَبيلِ اللهِ أو على المَساكينِ»، فلم يُجيزوه، فهل يَرجعُ إليهم إذا لم يُجيزوه أو يَمضي في سَبيلِ اللهِ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ المُوصيَ إذا أَوصَى لبعضِ وَرثتِه بمالٍ وقالَ في وَصيتِه: «إنْ أَجازَها الوَرثةُ فهي له، وإنْ لم يُجيزوها فهو في سَبيلِ اللهِ أو على المَساكينِ»، فلم يُجِزِ الوَرثةُ؛ فإنَّها تَمضي في سَبيلِ اللهِ أو للمَساكينِ (١).

قالَ الإِمامُ الشافِعيُّ : لو أَوصَى لوارِثٍ بوَصيةٍ فقالَ: «فإنْ أَجازَها الوَرثةُ وإلا فهي لفُلانٍ -رَجلٍ أَجنبيٍّ- أو في سَبيلِ اللهِ أو في شَيءٍ ممَّا تَجوزُ له الوَصيةُ به»، مَضى ذلك على ما قالَ، إنْ أَجازَها الوَرثةُ جازَت، وإنْ رَدُّوها فذلك لهم، وعليهم أنْ يُنفِذوها لمَن أَوصَى له بها إنْ لم يُجِزْها الوَرثةُ؛ لأنَّها وَصيةٌ لغيرِ وارِثٍ، وكذلك لو أَوصَى بوَصيةٍ لرَجلٍ فقالَ: «فإنْ ماتَ قَبلي فما أَوصَيت له به لفُلانٍ» فماتَ قبلَه، كانَت الوَصيةُ لفُلانٍ، وكذلك لو قالَ: «لفُلانٍ ثُلثي إلا أنْ يَقدمَ فُلانٌ فإنْ قدِمَ فُلانٌ هذا البَلدَ فهو له»، جازَ ذلك على ما قالَ (٢).


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٣٣٨)، و «الجوهرة النيرة» (٦/ ٣٧٣)، و «تفسير القرطبي» (٢/ ٢٦٦)، و «الحاوي الكبير» (٨/ ٢١٣، ٢١٤)، و «المغني» (٦/ ٦١، ٦٢)، و «الإنصاف» (٧/ ٢٤٩).
(٢) «الأم» (٤/ ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>