للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ المالِكيةُ والحَنابلةُ إلى أنه إذا بلَغَ ولم يَرجعْ إلى الإسلامِ فإنه يُستتابُ، فإنْ تابَ وإلا قُتلَ؛ لأنه صارَ أهلًا للعُقوبةِ (١).

وأمَّا الإمامُ الشافِعيُّ فقالَ: وإنما يُقتلُ مَنْ أقَرَّ بالإيمانِ إذا أقَرَّ بالإيمانِ بعدَ البُلوغِ والعَقلِ، فمَن أقَرَّ بالإيمانِ قبلَ البُلوغِ وإنْ كانَ عاقِلًا ثم ارتَدَّ قبلَ البُلوغِ أو بعدَه ثمَّ لمْ يَتُبْ بعدَ البلوغِ فلا يُقتلُ؛ لأنَّ إيمانَه لم يَكنْ وهو بالِغٌ، ويُؤمَرُ بالإيمانِ ويُجهَدُ عليه بلا قَتلٍ إنْ لم يَفعلُه (٢).

ثانِيًا: العَقلُ: (ردَّةُ المَجنونِ):

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على عَدمِ صِحةِ رِدةِ المَجنونِ، فإذا كانَ مُسلمًا ثمَّ جُنَّ فارتَدَّ في حالِ جُنونِه أنه لا يُؤاخَذُ به وهو على إسلامِه؛ لقَولِ النبيِّ : «رُفعَ القَلمُ عن ثَلاثةٍ: … وعنِ المَجنونِ حتى يَفيقَ» (٣).

قالَ الإمامُ ابنُ المُنذرِ : أجمَعَ كلُّ مَنْ نَحفظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ على أنَّ المَجنونَ إذا ارتَدَّ في حالِ جُنونِه أنه مُسلمٌ على ما كانَ قبلَ ذلكَ، ولو قتَلَه قاتلٌ عَمدًا كانَ عليهِ القَودُ إذا طلَبَ أولياؤُه ذلكَ (٤).


(١) «الذخيرة» (١٢/ ١٥)، و «الفروق» (١/ ٣٩٣)، و «المغني» (٩/ ٢٤)، و «المحرر» (٢/ ١٦٧)، و «كشاف القناع» (٦/ ٢١٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ٢٨٦)، و «منار السبيل» (٣/ ٣٦٨).
(٢) «الأم» (٦/ ١٥٩).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تقدَّمَ.
(٤) «الإجماع» (٧١٨)، و «الإشراف» (٨/ ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>