للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعليكم السلامُ، ولكنْ لا يَقولُ: «ورَحمةُ اللهِ»، حَكاه الماوَرديُّ، وهو ضَعيفٌ مُخالِفٌ للأحاديثِ، واللهُ أعلَمُ (١).

قالَ الإمامُ العَينيُّ : مُنع أنْ يُبتدأَ الكافِرُ بالسلامِ، وهو مَذهبُ الشافِعيِّ وأكثرِ العُلماءِ، وأَجازَه جَماعةٌ مُطلَقًا وجَماعةٌ للاستِئلافِ أو الحاجةِ، وقد جاءَ عنه النَّهيُ في الأَحاديثِ الصَّحيحةِ (٢).

وقالَ الإمامُ المَناويُّ : «لا تَبدؤوا اليَهودَ ولا النَّصارى بالسلامِ»؛ لأنَّ السلامَ إِعزازٌ ولا يَجوزُ إِعزازُهم، فيَحرمُ ابتِداؤُهم به على الأصحِّ عندَ الشافِعيةِ «فإذا لقِيَتم أحدَهم في طَرِيقٍ» فيه زَحمةٌ «فاضطرُّوه إلى أضيَقِه» بحيثُ لا يَقعُ في وَهدةٍ أو يَصدِمُه نَحوُ جِدارٍ، أي: لا تَترُكوا له صَدرَ الطَّريقِ (٣).

كيف نَردُّ عليهم إذا تَحقَّق لدينا أنَّهم قالُوا: السلامُ عليكم؟

قالَ ابنُ القَيمِ : هذا كلُّه إذا تَحقَّقَ أنَّه قالَ: السامُ عليكم، أو شَكَّ فيما قالَ، فلو تَحقَّقَ السامِعُ أنَّ الذِّميَّ قالَ له: «سَلامٌ عليكم» لا شكَّ فيه، فهل له أنْ يَقولَ: «وعليك السلامُ» أو أنْ يَقتصِرَ على قَولِه: «وعليك» فالذي تَقتَضيه الأدلةُ الشَّرعيةُ وقَواعدُ الشريعةِ أنْ يُقالَ له: «وعليك السلامُ»؛ فإنَّ هذا من بابِ العَدلِ، واللهُ يأمرُ بالعَدلِ والإحسانِ


(١) «شرح مسلم» (١٤/ ١٤٤).
(٢) «عمدة القاري» (١/ ٩٩).
(٣) «التيسير بشرح الجامع الصغير» (٢/ ٤٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>