للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي سَبيلِ اللهِ، وقد اضطُرِرتُم فكُلوا. قالَ: فأقَمْنا عليه شَهرًا ونحن ثَلاثُمئةٍ حتى سَمِنَّا. قالَ: ولقد رأيتُنا نَغترِفُ من وَقبِ عَينِه بالقِلالِ الدُّهنَ ونَقتطِعُ منه الفَدرَ كالثَّورِ -أو كقَدرِ الثَّورِ- فلقد أخَذَ منا أَبو عُبيدةَ ثَلاثةَ عَشرَ رَجلًا فأقعَدَهم في وَقبِ عَينِه، وأخَذَ ضِلعًا من أَضلاعِه فأقامَها ثم رحَّلَ أعظَمَ بَعيرٍ معنا، فمَرَّ من تحتِها، وتزَوَّدنا من لَحمِه وشائِقَ، فلمَّا قدِمْنا المَدينةَ أتَيْنا رَسولَ اللهِ فذكَرْنا ذلك له، فقالَ: «هو رِزقٌ أخرَجَه اللهُ لكم، فهل معكم مِنْ لَحمِه شَيءٌ فتُطعِمونا» قالَ: فأرسَلنا إلى رَسولِ اللهِ منه فأكلَه (١).

قالَ الإمامُ النَّوويُّ : وفي هذا دَليلٌ على أنَّه لا بأسَ بسُؤالِ الإِنسانِ من مالِ صاحِبِه ومَتاعِه إدلالًا عليه، وليسَ هو من السُّؤالِ المَنهيِّ عنه، إنَّما ذلك في حَقِّ الأَجانبِ للتَّموُّلِ ونَحوِه، وأمَّا هذه فللمُؤانَسةِ والمُلاطَفةِ والإِدلالِ (٢).

قَبولُ الهِبةِ ورَدُّها من المُهدَى إليه:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الهِبةِ والهَديةِ هل يَجبُ قَبولُها أو يُستحبُّ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه لا يَجبُ قَبولُ الهِبةِ والهَديةِ؛ لأنَّ في ذلك ضَررًا؛ للحُوقِ المِنةِ، واستدَلُّوا على ذلك بما رَواه سالِمُ بنُ عبدِ اللهِ عن أبيه «أنَّ رَسولَ اللهِ


(١) أخرجه مسلم (١٩٣٥).
(٢) «شرح صحيح مسلم» (١٣/ ٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>