قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: ومَن ردَّ لُقطةً أو ضالَّةً أو عمِلَ لغيرِه عَملًا غيرَ ردِّ الآبِقِ بغيرِ جُعلٍ لَم يَستحقَّ عِوضًا لا نَعلمُ في هذا خِلافًا؛ لأنَّه عَملٌ يَستحقُّ به العِوضَ معَ المُعاوَضةِ فلا يَستحقَّ معَ عَدمِها كالعَملِ في الإِجارةِ، فإنْ اختلَفَا في الجُعلِ فقالَ جعَلتَ لي في ردِّ لُقطتِك كذا فأنكَرَه المالِكُ فالقَولُ قَولُه معَ يَمينِه؛ لأنَّ الأَصلَ معَه.
وإنِ اتفَقَا على العِوضِ واختلَفَا في قَدرِه فالقَولُ قَولُ المالِكِ؛ لأنَّ الأَصلَ عدمُ الزائِدِ المُختلَفِ فيه، ولأنَّ القَولَ قولُه في أصلِ العِوضِ فكذلك في قَدرْه كرَبِّ المالِ في المُضارَبةِ، ويَحتمِلُ أنْ يَتحالفَا كالمُتبايعَينِ إذا اختلَفَا في قَدرِ الثَّمنِ والأَجيرِ والمُستأجِرِ إذا اختلَفَا في قَدرِ الأَجرِ، فعلى هذا إنْ تحالَفَا فُسخَ العَقدُ ووجَبَ أَجرُ المِثلِ، وكذلك الحُكمُ إنْ اختلَفَا في المَسافةِ فقالَ:«جعَلتُ لك الجُعلَ على ردِّها مِنْ حَلَبَ»، فقالَ:«بل على ردِّها مِنْ حِمصَ»، وإنِ اختلَفَا في عَينِ العَبدِ الذي جُعِلَ الجُعلَ في ردِّه فقالَ:«ردَدتُ العَبدَ الذي شَرطتَ لي الجُعلَ فيه»، قالَ:«بل شَرطتُ لك الجُعلَ في العَبدِ الذي لَم ترُدَّه»، فالقَولُ قَولُ المالِكِ لأنَّه أَعلمُ بشَرطِه ولأنَّه ادَّعى عليه شَرطًا في هذا العَقدِ فأنكَرَه والأَصلُ عدمُ الشَّرطِ (١).
(١) «المغني» (٦/ ٢٢)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٢٢٠)، و «الإنصاف» (٦/ ٣٩٠، ٣٩٣)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٥٠)، و «الروض المربع» (٢/ ١٥٣، ١٥٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٢٨٤، ٢٨٥).