للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل في صَلاةِ العِيدَينِ

حِكمةُ مَشروعيَّتِها:

الحِكمةُ مِنْ مَشروعيَّةِ صَلاتَيِ العِيدَينِ -كما يَقولُ الدِّهلَويُّ- أنَّ كلَّ قَومٍ لهم يَومٌ يَتجمَّلونَ فيه، ويَخرجونَ من بِلادِهم بزِينَتِهم، وتلك عادةٌ لا يَنفَكُّ عنها أحَدٌ مِنْ طوائِفِ العَربِ والعَجمِ، وقدِمَ المَدينةَ، ولهم يَومانِ يَلعَبونَ فيهما، فقالَ: ما هذانِ اليَومانِ؟ قالوا: كُنا نَلعَبُ فيهما في الجاهِليَّةِ، فقالَ: «قد أبدَلَكم اللهُ بهما خَيرًا منهما: يومَ الأضحى ويومَ الفِطرِ» (١). قيلَ: هما النَّيروزُ، والمِهرجانُ، وإنَّما بُدِّلَا لأنَّه ما مِنْ عِيدٍ في النَّاسِ إلا وسَببُ وُجودِه تَنويهٌ بشَعائرِ دِينٍ، أو مُوافَقةُ أئِمةِ مَذهبٍ، أو شَيءٌ مما يُضاهِي ذلك، فخَشيَ النَّبيُّ إن ترَكَهم وعادَتَهم أن يَكونَ هناك تَنويهٌ بشَعائرِ الجاهِليَّةِ، أو تَرويجٌ لسُنةِ أَسلافِها، فأبدَلَ بِهما يومَينِ فيهما تَنويهٌ بشَعائرِ المِلَّةِ الحَنيفيَّةِ، وضَمَّ مع التَّجميلِ فيهما ذِكرَ اللهِ وأبوابًا مِنْ الطاعةِ؛ لئلَّا يَكونَ اجتِماعُ المُسلمِينَ بمَحضِ اللَّعبِ، ولئلَّا يَخلُوَ اجتِماعٌ منهم مِنْ إعلاءِ كَلِمةِ اللهِ (٢).


(١) حَديثٌ صَحيحٌ: رواه أبو داود (١١٣٤)، والنسائي (٣/ ١٧٩)، وأحمد (٣/ ١٠٣).
(٢) «حجة الله البالغة» (١/ ٤٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>