اتِّباعُ شَرطِ الواقِفِ في التأجيرِ ومُخالَفةُ شَرطِه للضَّرورةِ:
اتَّفقَ فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في الأصَحِّ والحَنابلةُ على أنه يُتَّبعُ شَرطُ الواقفِ في إجارةِ المَوقوفِ، فإذا شرَطَ ألا يُؤَجَّرَ أكثَرَ مِنْ سَنةٍ مثلًا أو لا يُؤجَّرَ أصلًا اتُّبعَ شَرطُه إلَّا لضَرورةٍ، كما سَيأتي مُفصَّلًا.
وقالَ الشافِعيةُ في مُقابِلِ الأصَحِّ: لا يُتَّبعُ شَرطُ الواقفِ في ذلكَ؛ لأنه حَجرٌ على المُستحِقِّ في المَنفعةِ.
وبَيانُ ذلكَ مُفصَّلًا على ما يَلي:
قالَ الحَنفيةُ: لا تَصحُّ إجارةُ الأراضي أكثَرَ مِنْ ثلاثِ سِنينَ والمَساكِنُ والحَوانيتُ (الدَّكاكينُ) ونَحوُهما أكثَرَ مِنْ سَنةٍ، إلَّا إذا كانَتِ المَصلحةُ تَقتضي تَأجيرِ الوَقفِ أكثَرَ مِنْ ذلكَ، فإنَّ للقاضي في هذه الحالةِ أنْ يُؤجِّرَها أكثَرَ مِنْ ذلكَ، وأمَّا الناظِرُ فليسَ له أنْ يَفعلَ ذلكَ دُونَ إذنِ القاضي، إلَّا إذا نَصَّ الواقفُ على جَوازِ تَأجيرِها أكثَرَ مِنْ هذه المُدَّةِ إذا كانَ مَنفعةً، فإذا قالَ الواقفُ مثلًا:«لا يَجوزُ تَأجيرُ هذا المَنزلِ أكثَرَ مِنْ سَنةٍ إلا إذا كانَ في تَأجيرِه مَصلحةٌ للفُقراءِ المَوقوفِ عليهم» فإنَّ للناظرِ أنْ يُؤجِّرَ أكثَرَ مِنْ سَنةٍ بِناءً على هذا الشَّرطِ.
ومَحلُّ عَدمِ جَوازِ تَأجيرِ الوَقفِ أكثَرَ مِنْ تلكَ المدَّةِ إذا كانَ المُؤجِّرُ غيرَ الواقفِ، أمَّا الواقفُ فله أنْ يَزيدَ على هذه المدَّةِ كما يُحبُّ.