للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أنَّ ابنَ عَقيلٍ قالَ: تُردُّ شَهادةُ الصَّديقِ بصَداقةٍ مُؤكَّدةٍ، والعاشِقِ لمَعشوقِه؛ لأنَّ العِشقَ يُطيشُ (١).

المانِعُ الرابِعُ: العَداوةُ:

العَداوةُ على ضَربَينِ:

الضَّربُ الأولُ: العَداوةُ الدِّينيةُ:

اتَّفَق فُقهاءُ المَذاهِبِ الأربَعةِ على أنَّ العَداوةَ الدِّينيةَ -مِثلَ عَداوةِ المُسلِمينَ للكُفارِ وعَداوةِ أهلِ الحَقِّ لأهلِ الباطِلِ والبِدعِ وكذا مَنْ أبغَضَ الفاسِقَ لفِسقِه- لا تَمنَعُ قَبولَ الشَّهادةِ؛ لأنَّ الدِّينَ يَمنَعُه مِنْ ارتِكابِ مَحظورٍ في دِينِه.

الضَّربُ الثانِي: العَداوةُ الدُّنيَويةُ:

نَصَّ جُمهورُ الفُقهاءِ، مُتأخِّرو الحَنفيةِ، والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ على أنَّه لا تُقبلُ شَهادةُ عَدُوٍّ على عَدُوِّه، ولا تُقبلُ شَهادةُ العَدُوِّ على العَدُوِّ، وإنْ كانَ مَقبولَ الشَّهادةِ على غَيرِه؛ لأنَّه مُتَّهمٌ في حَقِّ عَدوِّه ولا يُؤمَنُ أنْ تَحمِلَه عَداوتُه على إِلحاقِ ضَرَرٍ به بشَهادتِه، ولقَولِ النَّبيِّ : «لا تَجوزُ شَهادةُ خائِنٍ ولا خائِنةٍ ولا ذي غِمرٍ على أخيه» (٢).

والغِمرُ: العَداوةُ، وهذا نَصٌّ. ولأنَّها شَهادةٌ تَقتَرِنُ بتُهمةٍ، فلم تُقبَلْ كشَهادةِ الوالِدِ للولَدِ.


(١) «الإنصاف» (١٢/ ٧٠).
(٢) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أَبو داود (٣٦٠٠، ٣٦٠١)، وابن ماجه (٢٣٦٦)، وأحمد (٦٨٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>