للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آثارُ الكَفالةِ: حَقُّ المَكفولِ له في المُطالَبةِ:

ذهَب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ (١) والشافِعيَّةُ (٢)، والحَنابِلةُ (٣) إلى أنَّ الكَفالةَ تُعطي المَكفولَ له الحَقَّ في مُطالَبةِ الكَفيلِ بما التَزمَه، وأنَّ له الحَقَّ أيضًا في مُطالَبةِ الأصيلِ: فله مُطالَبةُ أيِّهما شاءَ، أو مُطالَبةُ الاثنَيْن -الكَفيلَ والأصيلَ معًا-، ولكنَّه لا يأخُذُ أكثَرَ مِنْ حَقِّه.

قال الإمامُ الكاسانيُّ : لِلكَفالةِ حُكمانِ، أحَدُهما ثُبوتُ وِلايةِ مُطالَبةِ الكَفيلِ بما على الأصيلِ عندَ عامَّةِ مَشايِخِنا ويَطَّرِدُ هذا الحُكمُ في سائِرِ أنواعِ الكَفالاتِ؛ لأنَّ الكلَّ في احتِمالِ هذا الحُكمِ على السَّواءِ؛ وإنَّما يَختلِفُ مَحلُّ الحُكمِ مِنَ العَينِ والدَّينِ والفِعلِ، فيُطالَبُ الكَفيلُ بالدَّينِ بدَينٍ واجِبٍ على الأصيلِ، لا عليه، فالدَّينُ على واحِدٍ والمُطالَبُ به اثنان.

غَيرَ أنَّ الكَفيلَ إنْ كان واحِدًا يُطالَبُ بكلِّ الدَّينِ، وإنْ كان به كَفيلانِ، والدَّينُ ألْفًا يُطالَبُ كلُّ واحِدٍ منهما بخَمسِمِئةٍ، إذا لَم يَكفُلْ كلُّ واحِدٍ منهما عن صاحِبِه؛ لأنَّهما استَويا في الكَفالةِ والمَكفولُ به يَحتمِلُ الانقِسامَ، فيَنقسِمُ عليهما في حَقِّ المُطالَبةِ، كما في الشِّراءِ، ويُطالَبُ الكَفيلُ بالنَّفْسِ بإحضارِ المَكفولِ بنَفْسِه إنْ لَم يَكُنْ غائِبًا … ؛ فأمَّا بَراءةُ الأصيلِ فليس حُكمَ الكَفالةِ عندَ عامَّةِ العُلماءِ، والطالِبُ بالخيارِ، إنْ شاءَ طالَبَ الأصيلَ، وإنْ


(١) يُنظر: «فتح القدير» (٥/ ٣٩٠).
(٢) يُنظر: «مغني المحتاج» (٣/ ١٧٦)، و «الإفصاح» لابن هبيرة (٢/ ٢٠٦)، و «كفاية الأخيار» (٣١٨).
(٣) يُنظر: «المغني» (٦/ ٣٢٩)، و «الإفصاح» لابن هبيرة (٢/ ٢٠٦)، و «المحلى» (٨/ ٥٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>